وبالغ على الجبر بقوله: ولو لمعاودة الدم يعني أن الزوج إذا طلق زوجته في أيام تقطع الطهر من حيضها أو نفاسها فإنه يجبر على الرجعة لأجل معاودة الدم لها، لما أي في يضاف فيه الدم الثاني للدم الأول؛ وإيضاح كلامه أن المرأة إذا انقطع عنها دم الحيض أو النفاس فطلقت ثم عاودها الدم بالقرب فإن الزوج يجبر على الرجعة؛ لأن الدم الثاني يضاف للأول وحكمه حكم حيضة واحدة، ويكون الطهر بينهما كلا طهر، وقاله أبو عمران وأبو بكر بن عبد الرحمن، ابن يونس وهو أصوب.
وإلى تصويب ابن يونس أشار بقوله: على الأرجح؛ وقال بعض شيوخ عبد الحق بعدم الجبر، الباجي: الأظهر عندي أنه لا يجبر على الرجعة لأنه أوقع الطلاق في وقت يجوز له إيقاعه فيه ويصح صومه ووطء الزوج فيه، وإلى استظهار الباجي لقول بعض شيوخ عبد الحق أشار بقوله: والأحسن عدمه أي الأحسن من القولين القول بعدم الجبر.
واعلم أنه يحرم إقدامه على الطلاق إن علم عوده وإلا فلا، وعلم مما تقدم أن محل الجبر إنما هو بعد معاودة الدم لا قبله. والله تعالى أعلم. وقوله: لآخر العدة بيان لمنتهى الجبر يعني أن المطلق في الحيض يجبر على الرجعة ما دامت العدة لم تنقض، فإن انقضت بانت ففات الجبر، فقوله:"لآخر العدة" راجع لقوله: "وأجبر" أي ينتهي الجبر عند انتهاء العدة بحيث لم يبق منها شيء فلا جبر، وإن بقي منها شيء فالجبر ثابت وهذا هو المشهور. وقال أشهب: يجبر على الرجعة ما لم تطهر من الحيضة الثانية؛ لأنه عليه الصلاة والسلام أباح في هذه الحالة طلاقها فلم يكن للإجبار معنى، وقوله: أباح طلاقها لخ أي طلاق المرأة التي طلقها زوجها في الحيض كما في الدسوقي، وفي المقدمات: ومن حلف بالطلاق فحنث وامرأته حائض أو في دم نفاس فإنه يجبر على الرجعة كما يجبر المطلق في الحيض، والمطلق في الحيض يجبر ما لم تنقض العدة عند مالك وجميع أصحابه خلافا لأشهب. انتهى.
وإن أبي هدد يعني أن الحاكم يأمره بالارتجاع أمرا جازما لازما كما عرفت، فإن ارتجع فالأمر واضح وإن أبى الارتجاع فإن الحاكم يهدده أي يتوعده بالسجن ويخوفه به، فإن ارتجع فبها ونعمت، ثم أي وإن أبى الارتجاع بعد أن هدده بالسجن سجن أي يحبسه في السجن، فإن ارتجع فبها ونعمت وإلا هدده أي خوفه بالضرب وإن أبى ضربه.