للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليه. قاله الشيخ إبراهيم. وندب اتقاء الريح مخافة من رد الأذى عليه فيتنجس. وذكر القرطبي في تفسيره ما نصه: قال العلماء الريح يحرك الهواء، وقد يشتد ويضعف، فإذا حركت الهواء من تجاه القبلة ذاهبة إلى ورائها قيل لتلك الريح الصبا، وإذا حركته من وراء القبلة ذاهبة إلى تجاهها قيل لتلك الريح الدبور، وإذا حركته عن يمين القبلة ذاهبة إلى يسارها قيل لتلك الريح الجنوب، وعكسه ريح الشمال ولكل واحدة طبع فتكون منفعتها بحسب طبعها، فالصبا حارة يابسة، والدبور باردة رطبة، والجنوب حارة رطبة، والشمال باردة يابسة. وكل ريح بين ريحين فحكمها حكم الريح التي تكون في هبوبها أقرب إلى مكانها، وتسمى النكباء، وذكر أيضا أنه روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الرياح ثمان (١)) أربع منها عذاب، وأربع منها رحمة فالعذاب منها العاصف والصرصر والعقيم والقاصف، والرحمة منها الناشرات والمبشرات والمرسلات والذاريات فيرسل الله المرسلات فتثير السحاب، ثم يرسل الناشرات فتنشر ما أراده. انتهى. نقله الشبراخيتي.

ومورد يعني أنه يندب لقاضي الحاجة بولا أو غائطا أن يتقي المورد؛ أي يتجنبه بقضاء الحاجة فيه، والمورد طريق الشرب، والاستقاء من الماء. وقال الحطاب: المورد موضع الورود من الأنهار والآبار والعيون. انتهى. قال: وقال في الإكمال الورد ضفَّة النهر، ومشارع المياه، وإذا اتقى المورد فالماء نفسه أحرى، ويوجد التصريح به في بعض النسخ، ولا حاجة إليه. وفي حديث مسلم: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم (٢) قال القاضي عياض: هو نهي كراهةٍ وإرشاد، وهو في القليل أشد؛ لأنه يفسده. وقيل النهي للتحريم، لأن الماء قد يفسد لتكرر البائلين، ويظن المار أنه تغير من قراره، ويلحق بالبول التغوط فيه، وصب النجاسة. قاله الإمام الحطاب. ابن ناجي: الجاري على أصل المذهب أن الكراهة على التحريم في القليل؛ إذ قد يتغير منه فيظن أنه من قراره، وعزاه عياض لبعضهم. وأما الكثير فعلى بابها، قال بعض الشافعية: ولو قيل بالتحريم لم يكن بعيدا، والضفة بكسر الضاد المعجمة جانب النهر، وضفتاه جانباه. قاله في الصحاح. وحكى


(١) الدر المنثور، ج ١ ص ٣٩٧.
(٢) مسلم، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٢٨٢. - البخاري، كتاب الوضوء، رقم الحديث: ٢٣٩.