الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل (١) ثم تلا هذه الآية: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} ولفظ النسائي: فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل ولا أقر إلى أعينهم.
قوله: فيكشف الحجاب معناه يرفع الموانع عن الأبصار حتى يرونه على ما هو عليه من نعوت العظمة والجلال، فذكر الحجاب إنما هو في حق المخلوقين لا في حق الخالق فهو سبحانه منزه عما يحجبه، وروى يحيى بن سلام بسنده عن الحسن، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أهل الجنة لينظرون إلى ربهم في كل جمعة على كثيب من كافور لا يرى طرفاه وفيه نهر جار حافاته المسك عليه جوار يقرءون القرآن بأحسن أصوات سمعها الأولون والآخرون، فإذا انصرفوا إلى منازلهم أخذ كل رجل بيد ما شاء منهن ثم يمرون على قناطر من اللؤلؤ إلى منازلهم؛ فلولا أن الله تعالى يهديهم إلى منازلهم ما اهتدوا إليها لما يحدث الله لهم في كل جمعة.
وقال الحسن: ليس شيء أحب إلى أهل الجنة من يوم الجمعة يوم المزيد؛ لأنهم يرون فيه الجبار جل جلاله وتقدست أسماؤه، وروى عن أبي يزيد البسطامي أنه قال: إن لله عبادا لو حجبهم في الجنة ساعة لاستغاثوا من الجنة ونعيمها؛ يعني أن رؤية المولى سبحانه هو النعيم الأكبر الذي لا يشبهه نعيم، جعلنا الله ممن نعمه بالنظر إليه سبحانه.
وقد ذكر الغزالي أن رؤية الله سبحانه هي معظم نعيم المقربين جعلنا الله سبحانه منهم بمنه وفضله، ونقل القرطبي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور من فوقهم فإذا الرب سبحانه قد أشرف عليهم، فقال السلام عليكم يا أهل الجنة وذلك قوله سبحانه:{سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ}، قال: فإذا نظروا إليه نسوا نعيم الجنة حتى يحتجب عنهم، فإذا احتجب عنهم بقي نوره وبركاته عليهم في ديارهم. نقله الثعالبي. وقال: قلت هذا الحديث رواه البزار، قال القرطبي: ومعنى قوله أشرف عليهم أي اطلع عليهم؛ والله سبحانه لا يوصف بالمكان ونسوا نعيم الجنة لما نظروا إليه سبحانه