بينه وبين القبلة ساتر فلا يجوز كمرحاض السطح، وهذا حيث لم يلجأ بأن يمكنه التحول عن استقبال القبلة واستدبارها بسهولة، وأما إن ألجئ بأن عسر عليه التحول الذكور فيجوز ما ذكر في حالة الاستقبال، وفي حالة الاستدبار للقبلة وأول بالإطلاق يعني أن المدونة تؤولت على أن ذلك يجوز مع الاستقبال أو الاستدبار مطلقا؛ أي سواء كان بينه وبين القبلة ساتر أم لا، ومحل التأويلين إنما هو حيث لم يلجأ لا فيما إذا ألجئ إلى ذلك فيتفقان على الجواز حينئذ، قال في التنبيهات: ظاهر الكتاب في استقبال القبلة واستدبارها في المدائن والقرى: الجواز في المراحيض، وغيرها من غير ضرورة لقوله: إنما عني بذلك الصحاري والفيافي؛ ولم يعن المدائن والقرى بدليل جواز مجامعة الرجل زوجته إلى القبلة، ولا مشقة في الانحراف عنها وهو تأويل اللخمي، وإلى هذا كان يذهب شيخنا أبو الوليد. قاله الحطاب. وما قررت به المصنف هو ظاهره؛ وهو ما قرره به ابن مرزوق، فإنه جعل محل التأويلين حيث لا ساتر كان بمرحاض أولا. قال الشيخ محمد بن الحسن:
اعلم أن صور المنزل أربع؛ لأنه إما في مرحاض، أوْ لا، وفي كل إما بساتر أولا، والذي في الحطاب وهو الحق أن محلهما، أي التأويلين في المرحاض بلا ساتر، وظاهره كان في السطح أو في فضاء المدن، وإطلاق الحطاب في السطح وغيره هو الظاهر، وإن كان لفظ المدونة هو الجواز في المراحيض التي على السطوح فحملها اللخمي وعبد الحق وعياض على الإطلاق. وحملها بعض شيوخ عبد الحق على التقييد بالساتر، ثم قال: وأما إذا كان ساتر بلا مرحاض ففيه قولان، وظاهر المدونة الجواز وهو الراجح كما في الحطاب عن المازري. ومثله إذا لم يكن ساتر ولا مرحاض، وأما الرابعة وهي: مرحاض بساتر فتجوز اتفاقا، وينبغي للمجامع أن يستتر هو وأهله بثوب سواء كان مستقبل القبلة أو غير مستقبلها. وفي المدخل: وينبغي أن لا يجامعها وهما مكشوفان بحيث لا يكون عليهما شيء يسترهما؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وعابه. وقال فيه:(كما يفعل العيران (١)) وإن كان في برية أو على سطح فلا يجامع مستقبل القبلة ولا مستدبرها، وإن كان في بيت فيختلف فيه بالجواز والكراهة، والمشهور الجواز. انتهى نقله
(١) إذا أتى أحدكم أهله فليستتر ولا يتجرد تجرد العيرين. ابن ماجه، كتاب النكاح، رقم الحديث: ١٩٢١.