للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو كإن لم تمطر السماء غدا يعني أن الزوج إذا قال لزوجته أنت طالق إن لم تمطر السماء غدا أو إلى رأس الشهر الفلاني أو نحو ذلك، فإنه ينجز عليه الطلاق بحكم حاكم؛ فإن غفل عن ذلك ولم يطلق عليه حتى جاء الأمر على ما حلف عليه فقال ابن القاسم: لا يطلق عليه، وقال المغيرة وعيسى: يطلق عليه إلا أن يعم الزمن الأولى أن يقول: لا إن عم الزمن؛ لأن هذا مفهوم قوله: "غدا" يعني أنه إذا قال لها إن لم تمطر السماء فأنت طالق فإنه لا يطلق عليه؛ لأنه عم الزمن فلا بد من أن تمطر السماء في زمن مَّا، ومثل ذلك ما إذا قيد بزمن بعيد كخمس سنين ولم يقيد بمكان فلا ينجز ولا ينتظر، وأما لو قال: أنت طالق إن أمطرت السماء فينجز عليه، كما لو قال: أنت طالق الساعة. قال اللخمي: وإن قال أنت طالق إن أمطرت السماء كأنت طالق الساعة لأن السماء لا بد أن تمطر، وإن قال إن لم تمطر فأنت طالق فلا شيء عليه، وسواء عمم أو سمى بلدا لأنه لا بد أن تمطر في زمن ما، وكذلك إن ضرب أجلا عشر سنين أو خمس سنين.

مسألة نزلت: وهي أن شخصا خاصم شخصا فقال أحدهما -وكأنه المظلوم- خيمتي علي حرام إن لم ينصفني الله من فلان فمكث يومين أو نحوهما فأصابه مرض فقتله، والخيمة في عُرفهم كناية عن الزوجة؛ فأجبت بأن الظاهر أن هذا من الحلف على الغيب نحو إن لم تمطر السماء غدا فالمشهور أنه ينجز عليه الطلاق، فإن غفل عنه حتى وقع المحلوف عليه فقال ابن القاسم إلى آخر ما مر قريبا: أو يحلف لعادة يعني أن ما تقدم من التنجيز في قوله: أنت طالق إن لم تمطر السماء غدا محله ما إذا لم يكن حلف لأجل عادة شرعية توسمها، وأما إن حلف لعادة شرعية فإنه ينتظر بالطلاق نزول المطر ولا ينجز عليه، فإن وقع الأمر كما حلف عليه لم يلزمه شيء وإلا حنث ولزمه الطلاق، وإنما انتظر فيما إذا حلف لعادة لخبر: (إذا نشأت بحرية ثم تشاء مت فتلك عين غديقة (١)) قوله: بحرية بالنصب والظاهر أنه على الحال من الضمير في نشأت العائد على السحابة المفهومة من السياق، وغديقة بغين معجمة مضمومة ودال مهملة مفتوحة ثم ياء مثناة تحتية ساكنة ثم قاف مفتوحة أي: كثيرة الماء وهو تصغير تعظيم، والغدق بفتح الدال: المطر الكبار، وغدق اسم بئر معروفة بالمدينة.


(١) الموطأ كتاب الاستسقاء، الحديث رقم ٥.