ولقائل أن يقول مجيبا عن ابن القاسم بأنه بناه على المعنى الأول، وحينئذ ينعكس الأمر في جري ابن القاسم على مذهب أهل السنة، وقول غيره على مذهب القدرية والاستثناء في اليمين بالله على المعنى الثاني لا الأول. انتهى. فابن رشد جعل إن شاء الله في معنى الاستثناء، مثل إلا أن يشاء الله، وابن عرفة جعله شرطا على ظاهره وهو الصواب، ويسقط به اعتراضه قلت: ومقتضى الجواب المذكور أنه إن قال هنا: إلا أن يشاء الله لم يلزمه. فانظره. انتهى. قاله محمد بن الحسن بناني.
بخلاف إلا أن يبدو لي يعني أن الزوج إذا قال لزوجته أنت طالق إن دخلت الدار إلا أن يبدو لي، أو إلا أن أشاء أو إلا أن أرى خيرا منه أو إلا أن يغير الله ما في خاطري أو نحو ذلك، فإنه لا ينجز عليه الطلاق بدخول الدار ولا يلزمه شيء، بشرط أشار إليه بقوله: في المعلق عليه فقط يعني أن محل عدم لزوم الطلاق له فيما إذا قال أنت طالق إن دخلت الدار إلا أن يبدو لي إنما هو فيما إذا جعل قوله: "إلا أن يبدو لي" راجعا للمعلق عليه فقط وهو دخول الدار في المثال المذكور دون ما إذا لم يرجعه له، ومعنى ذلك أني لم أصمم على جعل دخول الدار سببا لطلاقك بل الأمر موقوف على إرادتي في المستقبل، فإن شئت جعلته سببا لطلاقك وإن شئت لم أجعله سببا له، فلهذا نفعه لأن كل سبب وكل إلى إرادته لا يكون سببا إلا بتصميمه على جعله سببا، قال الإمام الحطاب واحترز بقوله:"فقط" مما إذا قال: "إلا أن يبدو لي" في الطلاق، مثل أن يقول: أنت طالق إلا أن يبدو لي فإنه لا ينفعه، قال ابن رشد في رسم جاع، من سماع عيسى من الأيمان بالطلاق، بلا خلاف كما أنه إذا قال إلا أن يبدو لي في المعلق عليه ينفعه بلا خلاف. انتهى.
قال مقيده عفا الله عنه: ويظهر أن قوله: "فقط" يرجع للرجوع المقدر بعد "في" ولا يرجع للمعلق عليه لاقتضائه أنه إذا رجعه لهما تطلق وهو غير ظاهر، والظاهر أنها لا تطلق حينئذ، هذا الذي قلته خلاف ما صرح به الشبراخيتي. والله سبحانه أعلم. وقال عبد الباقي: واحترز بالمعلق عليه عن المعلق نفسه وهو الطلاق؛ فإنه إذا صرف الإرادة إليه لا ينفعه لأنه لا اختيار له فيه فينجز، وكذا إن لم تكن له نية تصرفه لواحد منهما فينجز كما إذا لم يكن في صيغة تعليق. انتهى.