للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باستفراغ أخبثيه الباء للاستعانة أو للسببية، والاستفراغ بمعنى التفريغ فليست السين والتاء للطلب، والأخبثان البول والغائط، يعني أنه يجب على الشخص طلب التخلص من الحدث بتفريغ ما في المحلين من البول والغائط، ويحتمل أن تكون الباء في قوله: "باستفراغ" للتصوير على مذهب من أجاز ذلك، وتكون السين والتاء للطلب: والاستبراء والاستفراغ حينئذ بمعنى واحد. ومعنى المنصف على هذا أنه يجب الاستبراء، والاستبراء هو أن يستفرغ الشخص ما في المخرجين من الحدث. والله أعلم. والحاصل أنه لابد من إخلاء محل البول والغائط منهما؛ بأن يحس من نفسه أنه لم يبق شيء مما هو بصدد الخروج وهذا كاف في الغائط لقصر محله، بخلاف البول؛ أي بول الرجل لطول محله فلذا لابد أن يكون ذلك مع سلت ذكر أي يجب عليه أن يسلت ذكره؛ والسلت هو أن يجعله بين إصبعيه ماسكا له من أصله بالسبابة والإبهام أو غيرهما من اليد اليسرى. ثم يمشيهما لرأس الكمرة، ونتر أي أنه يجب عليه نتر ذكره مع سَلْتِهِ، ونتره جذبه: قال في النهاية: النتر جذب فيه قوة وجفوة؛ ومنه الحديث: (إن أحدكم يعذب في قبره فيقال إنه لم يكن يستنتر عند بوله (١)). والاستنتار الاستفعال من النتر يريد به الحرص عليه والاهتمام به؛ وهو بعث على التطهير بالاستبراء من البول. وقال النووي: النتر الجذب بجفوة، ومنه الحديث. (إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث مرات (٢)). انتهى. قال الحطاب: وكلهم ذكروه في مادة نتر بالمثناة الفوقية، ثم ذكروا بعده مادة نثر بالمثلثة. وفي الأمير: ونتر للإنقاء، وما شك فيه بعده كنقطة فعفو فإن فتش ورآها فحكم الحدث والخبث. انتهى. فإن لم يخرج منه شيء بعد سلته ونتره، ولا رأى بللا أول مرد في رأسه كفاه ذلك، وإلا أعاده حتى لا يبقى شيء، ولا حد في عدد ذلك عندنا بل الجفاف في مرة أو ما زاد خلافا للشافعية، إلا أنه ينبغي أن يطلب التعجيل بقدر الإمكان. ويحذر التطويل واستقصاء الأوهام، فإن ذلك يؤدي إلى الوسوسة فيحار في زوالها وعلاجها بعد تمكنها: ويفوت صاحبها من الخير ما لا يحصى، ويقع في أنواع من الشر. نسأل الله السلامة والعافية. وقوله: "باستفراغ" الخ والمرأة تجعل يدها على سرتها مما يدر البول. قاله


(١) النهاية في غريب الحديث. ج ٥ ص ١٢.
(٢) ابن ماجه، كتاب الطهارة، رقم الحديث ٣٢٦.