يلاعن وهو قول ابن القاسم والمخزومي وابن دينار، قال في المقدمات: وهو الأصح، وقال ابن نافع: يلاعن ولا يحد، وهو قول ابن القاسم أيضا واختاره كبار المتأخرين وشهره في الإرشاد، والقولان في المدونة قاله الشارح. وحجة القول الثاني عموم آية اللعان فإنه لم يذكر فيها رؤية زنى ولا نفي حمل ولا ولد وإن لاعن لرؤية وادعى الوطء قبلها وعدم الاستبراء يعني أن الزوج إذا ادعى أنه رأى زوجته تزني وادعى أنه وطئها قبل أن يراها تزني وادعى مع ذلك أنه لم يستبرئها من وطئه الحاصل قبل الرؤية ولاعنها ثم أتت بعد ذلك بولد فقد ثبت لمالك ثلاثة أقوال في إلزامه أي الزوج به أي بالولد، ومعنى هذا أن الولد يكون لاحقا به أي لا ينتفي عنه أصلا لا بلعان ثان ولا بغيره إذ عدوله عن دعوى الاستبراء رضي منه باستلحاقه، وإذا استلحقه فليس له أن ينفيه بعد ذلك؛ وهذا مفاد ما قاله أبو الحسن. وعدمه عطف على قوله: في إلزامه، والضمير فيه عائد على الإلزام أي أن الإمام قال مرة بالإلزام ومرة قال بعدم الإلزام؛ أي أن الولد لاحق به إلا أن ينفيه بلعان. قاله أحمد بابا. ونفيه أي الولد أي أن الإمام قال مرة أيضا: إنه منتف عنه باللعان الحاصل لأنه موضوع لنفي الحد والولد فإن ادعاه بعد ذلك حد ولحق به. قاله غير واحد. وقوله: أقوال مبتدأ وخبره قوله: لمالك، أو فاعل للثبوت والاستقرار الذي تضمنه المجرور، كما أشرت إليه في الحل، وبهذا التقرير ظهر لك الفرق بين الأقوال الثلاثة؛ إذ القول الأول هو أن الولد لاحق به ولا ينتفي عنه أصلا لا بلعان ثان ولا بغيره، والقول الثاني أن الولد لاحق به إلا أن ينفيه بلعان ثان، والقول الثالث أنه منتف عنه باللعان الحاصل ولا يحتاج إلى لعان ثان فإن استلحقه بعد ذلك لحق به وحد، ولابد من تحرير هذه المسألة وتحرير قوله قبل:"وانتفى به ما ولد لستة أشهر"، فأقول طالبا من الله التوفيق، والإرشاد والتحقيق:
اعلم أن موضع هذه الأقوال مطلق سواء ولدته لستة فأكثر أو لأقل منها. قاله بناني. وهذه المسألة داخلة في عموم قوله: وانتفى به ما ولد لستة أشهر، قاله الحطاب. ولهذا قال بعض الشيوخ: ينبغي أن يكون القول الأخير هو الراجح لما تقدم من قوله: وانتفى به ما ولد لستة أشهر. والحاصل أن اللعان للرؤية له حالتان، إحداهما: أن يدعي الاستبراء وفيها صورتان، الأولى: أن يدعي الآن أنة كان استبرأها قبل الرؤية فينتفي عنه الولد بذلك اللعان ولا يحتاج إلى لعان ثان وهو قول أشهب، وقال عبد الملك وأصبغ: إنما ينفيه بلعان ثان، قال في المقدمات: وفي المدونة ما