للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أشكل، الرابع: الكتاب ليثبتوا ما جرى بين الخصوم وما توجه لهم وعليهم من الحقوق، الخامس: المشهود ليشهدهم على ما أوجبه من حق وأمضاه من حكم، فإذا استكمل ما ذكر من الأصناف الخمسة شرع حينئذ في نظره والذي يختص بنظر المظالم يشتمل على عشرة أقسام، الأول: النظر في تعدي الولاة على الرعية، فيكون لسيرة الولاة متصفحا ليقويهم إن ضعفوا، ويكفهم إن عسفوا، ويستبدل بهم إن لم ينصفوا. الثاني: جور العمال فيما يجبونه من الأموال: فيرجع به إلى القوانين العادلة من دواوين الأئمة، فيحمل الناس عليها ويأخذ العمال بها، وينظر فيما استزادوه، فإن رفعوه إلى بيت المال أمر برده، وإن أخذوه لأنفسهم استرجعه لأربابه. الثالث: كتب الدواوين لأنهم أمناء المسلمين على بيوت أموالهم فيما يستوفونه له ويوفونه منه، فيتصفح أحوال ما وكل إليهم، فإن عدلوا بحق من دخل ومن خرج إلى زيادة أو نقصان أعاده إلى قوانينه رقابل على تجاوزه. حكي أن المنصور بلغه عن جماعة من كتاب دواوينه أنهم زوروا فيه وعثروا، فأمر بإحضارهم وتقدم لتأديبهم فقال حدث منهم وهو يضرب:

أطال الله عمرك في صلاح … وعزك يا أمير المومنينا

بعفوك نستجير فإن تجرنا … فإنك عصمة للعالمينا

ونحن الكاتبون وقد أسأنا … فهبنا للكرام الكاتبينا

فأمر بتخليتهم ووصل الفتى وأحسن إليه؛ لأنه ظهرت منه الإنابة وتلوحت فيه النجابة، وهذه الأقسام الثلاثة لا يحتاج والي المظالم في تصفحها إلى متظلم. الرابع: تظلم المسترزقة من نقص أرزاقنهم أو تأخرها عنهم وإجحاف النظار بهم، فيرجع إلى ديوانه في فرض العطاء العادل فيجريهم عليه. الخامس: رد الغصوب وهي على ضربين: غصوب سلطانية وقد تغلب عليها ولاة الجور كالأملاك المقبوضة على أربابها، فإن علم بها والي المظالم عند تصفح الأمور أمر برده قبل التظلم إليه، وإن لم يعلم فهو موقوف على تظلم أربابه، والضرب الثاني من المغصوب: ما تغلب عليه ذوو الأيدي القوية وتصرفوا فيها تصرف الملاك بالقهر والغلبة فهو موقوف على تظلم أربابه،