للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويطلعونه على خفي أسرارهم وخبث سرائرهم، حتى لا يخفى من أمورهم كثير ولا قليل، ويتفقد أحوال رجاله، ولا يعين أحدا منهم لشغل معين كوزن الخبز على الخبازين ونحوه، ليلا يتقدم إلى ذلك الرجل بالرشوة، ولا يعلم رجاله أبدا خروجه لأمر معين من أمور الحسبة خشية أن يتقدم واحد منهم إلى أرباب ذلك الأمر الذي يخرج إليه ويشعرهم بقصده فيتغيب صاحب الدلسة أو يغيب عن الشيء المفاسد فلا تمكن إقامة الحجة، ويكسر الناقص الوزن والقليل الطبخ، ويريق الشيء الفاسد كاللبن، ويتولى ذلك بنفسه ولا يكله إلى رجاله، ويلزم عملة الخبز أن يصنع كل واحد منهم طابعا ينقش فيه اسمه ويطبع به على خبزه، ليتميز خبز كل واحد بطابعه وتقوم الحجة به عليه. الولاية الخامسة: ولاية الرد قال الشيخ ميارة: وأما ولاية الرد فلم أقف فيها الآن إلا على قول ابن عرفة أول باب القضاء عن ابن سهل: متعلق حكم والي الرد ما استرابه القضاة وردوه عن أنفسهم، وصاحب السوق يعرف بصاحب الحسبة لأن أكثر نظره فيها بالأسواق من غش وتفقد مكيال وميزان. قال بعض من لقيت: لا يجوز له الحكم في عيوب الدور ولا مخاطبة حكام البارد بالأحكام. انتهى. وقال بعض شراح الزقاقية: ووالي الرد هو الذي يكون نظره فيمن خالف صوابا مما حكم به أهل هذه الولايات غير القاضي؛ لأن حكمه لا يتعقب وحكم غيره يتعقب فما كان صوابا أمضي وما كان غيره رد، وهذا إنما يتولاه الإمام أو من يقدمه لذلك وقد يكون قاضيا. انتهى. الولاية السادسة: ولاية الشرطة قال الإمام الشهير أبو العباس سيدي أحمد الونشريسي: وأما ولاية الشرطة قال ابن الأمين القرطبي: وضع صاحبها لشيئين أحدهما: معونة الحكام لمن أصحاب المظالم وأصحاب الدواوين في حبس من أمروه بحبسه وإطلاق من أمروه بإطلاقه، وإشخاص من كاتبوه بإشخاصه، وإخراج الأيدي مما دخلت فيه وإقرارها. والثاني: النظر في الجنايات وإقامة الحدود على من وجبت إقامتها عليه. انتهى. وسموا بذلك لأن لهم شرطا أي علامات تميزهم. الولاية السابعة: ولاية المصر وهي الولاية على البلاد، قال بعض شراح الزقاقية: ولاية المصر هي الولاية على إقليم أو بلد، فإذا قلد الخليفة أميرا على إقليم أو بلد كان نظره في جباية الخراج وقبض الصدقات وتفريق ما يستحق منها، والإمامة في الجمعة والجماعات يقوم بها أو يستخلف عليها، وجهاد من يليه من الأعداء وقسم غنائمهم وأخذ أخماسها، ويشترط في هذه الولاية المشروط المعتبرة في الإمامة الكبرى إلا النسب وهو كونه قرشيا.