لأنه ممنوع منها شرعا، ولا يفيده اختياره بوطئه، هذا الذي فهمناه وهو ظاهر قول المتن: بخيار له. انتهى. قاله بناني.
واعلم أن في هذه المسألة ثلاث تأويلات: وجوب الاستبراء في غيبة المشتري والغاصب، الاستحباب فيهما، الوجوب في الغاصب والاستحباب في المشتري.
ولما كانت المواضعة نوعا من الاستبراء وإن خالفته في بعض الأحكام، كالنفقة فإنها زمن المواضعة على البائع وضمانها فيه منه وشرط النقد يفسد عقد بيعها بخلاف الاستبراء، أفردت بالكلام لبيان تلك الأحكام، ولا تجب إلا في أمتين، في التي ينقص الحمل من ثمنها، وفي التي وطئها البائع، وعرف ابن عرفة المواضعة بقوله: المواضعة جعل الأمة مدة استبرائها في حوز مقبول خبره عن حيضتها. واعترضه بعضهم بأنه يوهم اختصاص المواضعة بمن تحيض. وقد صرح ابن رشد بعمومها في الصغيرة واليائسة. ولو قال بدل قوله: عن حيضها، عن براءتها، لشمل ذلك، وأجيب بأنه اقتصر على الحيض لأنه الأصل أو الغالب، أو يجعل من باب الكناية عما ينقضي به تواضعها؛ فلا اعتراض. قاله الشبراخيتي.
وأشار المص إلى من تتواضع بقوله: وتتواضع العلية يعني أن من باع أمة علية أي رائعة أي جميلة يجب أن توضع عند أمين حتى تحيض، فيمضي بيعها حينئذ أو يظهر بها حمل فترد لبائعها، ولابد من مواضعتها مطلقا، أقر البائع بوطئها أم لا؛ ووجه ذلك أن الرائعة إنما وجبت فيها المواضعة لأن الحمل ينقص من ثمنها كثيرا، لا لأجل وطء البائع، فلذا وجبت فيها وإن لم يطأها البائع، وقوله: العلية، قال عياض: علية الجواري بسكون اللام يعني مع كسر العين وقيل بكسر اللام وتشديد الياء والأول أشهر. انتهى. وقال الشارح: والعلية واحد العلي بفتح المعين وكسر اللام المخففة وتشديد الياء. انتهى. والأول قاله بناني. والعلية هي الرائعة الجيدة التي تراد للفراش لا للخدمة.
وفي الجواهر: فلان من علية الناس جمع رجل علي أي شريف ورفيع مثل صبي وصبية، ويجوز في المتن ضبطه مفردا أي بفتح العين وكسر اللام وتشديد الياء، وضبطه جمعا أي بكسر العين وسكون اللام وفتح الياء مخففة. انظر حاشية الشيخ محمد بن الحسن. وقوله: وتتواضع، قال بناني: تتواضع بضم التاء مبنيا للمفعول، وقد استعمل هنا لفظ تفاعل متعديا وهو قليل. انتهى.