للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحميد: وقد استحسن بعض شيوخنا الأخذ به في ذلك وفعل به متقدمو شيوخنا في أهليهم. قلت: وبه أفتى شيخنا أبو محمد عبد الله الشبيبي فيما بلغني. انتهى. نقله الحطاب.

وقال ابن عبد السلام: قد اختلف العلماء هل للرضاعة في الكبير من تأثير في انتشار الحرمة؟ فالجمهور على أنه ليس لها في ذلك تأثير، وروي عن عائشة وعطاء أنها تحرم، وروي عن علي رضي الله عنه. قال أبو عمر: ولا يصح عنه، وقال الليث: أكره رضاعته إن أحل منها شيئا، ولابن علية مثله، وجاءت الليث امرأة فقالت: إني أريد الحج وليس لي محرم، فقال: اذهبي إلى امرأة رجل ترضعك فيكون زوجها أباك فتحجين معه. قال ابن المواز: ولو أخذ بحديث سهلة: (أرضعيه خمس رضعات (١)) في الحجابة خاصة لم أعب عليه وتركه أحب إلينا، واحتج الجمهور بما في الصحيح من حديث عائشة (فإنما الرضاعة من المجاعة (٢) واحتج الآخرون بحديث عائشة رضي الله عنها وهو في الصحيح أيضا قالت: (جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم وهو حلفه كراهة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أرضعيه، قالت: وكيف أرضعه وهو كبير؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أرضعيه تحرمي عليه ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة (٣)) وفي رواية (أنه أبى لسائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل عليهن أحد بتلك الرضاعة وقلن لعائشة رضي الله عنها: والله ما نرى هذه إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خاصة، فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا راءينا (٤)) انتهى. وقوله: ما حرمه النسب، اعلم أن آية تحريم النساء لم يذكر فيها صريحا من الرضاعة إلا الأمهات والأخوات، وأما البنت وغيرها من بقية السبع فإنما يؤخذ تحريمها من الحديث. إلا أم أخيك هذه نسوة تسع قال ابن دقيق العيد: إنها مستثناة من قوله صلى الله عليه وسلم: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، تبعه المص في ذلك، ويأتي البحث معهما؛ يعني أن أم أخيك من النسب حرام عليك؛ لأنها إما أمك


(١) الموطأ، كتاب الرضاع ج ١، ص ٣٨٥.
(٢) البخاري، كتاب الشهادات، رقم الحديث، ٢٦٤٧. صحيح مسلم، كتاب الرضاع، رقم الحديث ١٤٥٥.
(٣) صحيح مسلم، كتاب الرضاع، رقم الحديث ١٤٥٣.
(٤) صحيح مسلم، كتاب الرضاع، رقم الحديث ١٤٥٤.