للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وظاهر المدونة أن المنفق على أجنبي يرجع من غير يمين، وقوله: غير سرف، حال من ما أي حالة كونه غير سرف؛ وقال الشارح: ورجعت بما أنفقت عليه غير سرف، يريد إذا أنفقت على الزوج نفسه فإنها ترجع عليه بالمعتاد من ذلك؛ فلا ترجع عليه بما هو سرف كدجاج وخراف لأنها إنما قصدت بذلك التوسعة والعطية ولم تقصد الرجوع به إلا أن تكون التوسعة في المواسم والأعياد فإنها ترجع. ولم يذكر في ذلك خلافا لأن ذلك في زمانه غير سرف. انتهى. وقال عبد الباقي: غير سرف، بالنسبة إليه وإلى زمن الإنفاق إلا أن تقصد به الصلة له فلا ترجع كإنفاقها على نفسها حال عسره. كما مر. إلا أن تقول: أنفقت عليه لأرجع ويوافقها على ذلك فترجع عليه بالسرف. انتهى.

فائدة: قال عبد الباقي: قيل: السرف صرف الشيء زائدا على ما ينبغي والتبذير صرف الشيء فيما لا ينبغي. انتهى. وإن معسرا؛ يعني أنها ترجع على زوجها بما أنفقته عليه وسواء كان الزوج حين الإنفاق معسرا أو موسرا، كمنفق على أجنبي؛ يعني أن من أنفق على أجنبي كبير فإنه يرجع عليه بما أنفق عليه غير سرف سواء كان هذا الأجنبي المنفق عليه معسرا حين الإنفاق أو موسرا.

إلا لصلة، راجع لما قبل الكاف ولما بعدها؛ يعني أنها إنما ترجع على زوجها بما أنفقته عليه إذا لم يكن ذلك صلة، وأما إن قصدت بما أنفقته عليه الصلة فإنها لا ترجع عليه بشيء منه، وكذا لا يرجع الأجنبي المنفق بما أنفقه على أجنبي آخر حيث قصد بذلك الصلة، فإن اختلف المنفق والمنفق عليه في الإنفاق للرجوع وعدمه حلف المنفق زوجة أو غيرها أنه أنفق ليرجع، إلا أن يكون أشهد أنه أنفق ليرجع فلا يمين عليه. قاله عبد الباقي. وقال الشارح: ورأى بعض الشيوخ أن الأصل في إنفاقها على زوجها أن يكون بمعنى الصلة حتى يدل دليل على غير ذلك، وأن الأصل في الأجنبي على العكس. انتهى.

وعلم مما قررت أن الأجنبي لا يرجع عليه بالسرف، ولهذا قال عبد الباقي عند قوله: إلا لصلة: فيه احتباك حذف من هنا: غير سرف لدلالة ما قبله عليه، ومن هناك: إلا لصلة لدلالة هذا عليه، بناء على قاعدته الأغلبية من رجوع الاستثناء ونحوه لما بعد الكاف، وإلا فقد رجعه التتائي لهما. انتهى.