للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شك هل حصل منه حدث بعد ذلك الوضوء المحقق أو لم يحصل منه حدث بعده، بل هو باق على وضوئه، فإن وضوءه يبطل فهو مبين لمعنى قول المدونة: من أيقن بالوضوء وشك في الحدث ابتدأ الوضوء، فالواو في قولها: وشك في الحدث، بمعنى ثم، أو بمعنى الفاء. ومعنى الشك هنا التردد على حد سواء، وأولى لو ترجح احتمال الحدث فلا عبرة بالوهم كما نص عليه غير واحد، بل يستحب الوضوء حينئذ كما نص عليه الشبراخيتي. وروى ابن وهب عن مالك: يندب الوضوء بحصول شك في حدث بعد طهر علم. ورد المص روايته بقوله: "بعد طهر علم". ابن بشير: إن تيقن الحدث وشك في الوضوء توضأ إجماعًا، وفي مقابله قولان: الوجوب، والندب. إلا المستنكح يعني أن من استنكحه الشك في الحدث لا يبطل وضوؤه بشكه في حدث بعد طهر علم، ولا يعمل على أول خاطر هذا هو الشهور، والمستنكَح بفتح الكاف هو الشخص الذي تكثر عليه الشكوك ويعتريه الوسواس، وبالكسر وصف للشك؛ أي إلَّا الشك المستنكِح؛ والمستنكَح هو الذي يشك في كلّ وضوء أو صلاة، أو يطرأ له ذلك في اليوم مرّة فأكثر، وإن لم يطرأ له ذلك إلَّا بعد يومين أو ثلاثة فليس بمستنكح. وظاهر كلام ابن عمر أنه ينظر لإتيانه في الوضوء بمفرده، وفي الصلاة بمفردها فلا يضم إتيانه في الوضوء لإتيانه في الصلاة، وظاهره أيضًا أنه ينظر لإتيانه في الوضوء وإن اختلف محل إتيانه فيه، فإذا كان يأتيه مرفى في نيته، ومرة في الدلك، ومرة في مسح رأسه: فإن ذلك بمنزلة تكراره في شيء واحد منه، وكذا يقال مثله في الصلاة. والظاهر أن الاستنكاح إنما يعرف باستمراره أكثر من يومين كما في بناني.

واعلم أن الاستنكاح بلاء ومحنة، ودواؤه الإلهاء عنه. والإلهاء عنه إذا قال له؛ صليت ثلاثًا أو أربعًا؟ يقول له: صليت أربعا، وإذا قال له: صليت أو ما صليتَ؟ يقول: صليتُ. وإذا قال له: توضأت أو ما توضأت؟ يقول له: توضأتُ. فإذا رد عليه بهذه الأشياء فإنه ينتفي عنه. قالوا: والاشتغال به يؤدي إلى الشك في التوحيد عند الموت. والعياذ بالله تعالى. قال الشيخ زروق: وأصلها جهل بالسنة أو خبال في العقل، أي فساد واختلال، ومتبعها متكبر لاعتقاده أن ما يفعله كمال مزك لنفسه معتمد على عمله معجب به متبع للشيطان. انتهى.