أمهم بما يبرأ به من نفقة زوجته صحيح؛ لأنه مؤتمن، وأما قوله: وإن رفعت ذلك إلى السلطان فرض لها ولهم إلى آخره، فمعناه: إذا عرف ملاءه في غيبته وذلك أنه لا يخلو في مغيبه من ثلاثة أحوال، أحدها: أن يكون معروف الملاء. الثاني: أن يكون معروف العدم. الثالث: أن تكون حاله مجهولة، فأما إن كان معروف الملاء فإن النفقة تفرض لها عليه على ما يعرف من ملائه فتتبعه بذلك دينا ثابتا في ذمته، وأما إذا كان معروف العدم فلا يفرض لها السلطان عليه نفقة إذ لا يجب على العدم لامرأته نفقة، ويفرق السلطان بينهما بعد التلوم، وإن أحبت الصبر عليه كتب لها كتابا بذلك اليوم من ذلك الشهر أنها قامت عنده طالبة لنفقتها، فإن قدم وعلم أنه كان له مال كان القول قولها إنها أنفقت على نفسها من ذلك اليوم، إن ادعى أنه خلف عندها أو بعث بها إليها، وأما إذا كان مجهول الحال لا يعرف ملاؤه في غيبته من عدمه فقال في المدونة: إن السلطان لا يفرض لها نفقة على زوجها في مغيبه حتى يقدم، فإن كان موسرا فرض عليه نفقة مثله لمثلها، وقال ابن حبيب في الواضحة: إنها إن أحبت الصبر عليه أشهد لها السلطان إن كان فلان زوج فلانة اليوم مليا في غيبته أوجبنا عليه لامرأته فريضة مثله من مثلها. انتهى كلام الحطاب.
تنبيه: اعلم أن الأبوين لا تفرض لهما النفقة على الولد في مغيبه وإن كان موسرا إذا لم يكن له مال حاضر، ولا يؤمر (١) أن يتداينا عليه، وإن فعلا لم يلزمه من ذلك شيء، فلا يغرم ما تداينا عليه، ولا يغرم ما فرض عليه لهما في غيبته، بخلاف الزوجة في ذلك كله؛ لأن نفقة الزوجة واجبة حتى يعلم سقوطها، ونفقة الأبوين ساقطة حتى يعلم وجوبها، ونفقتهما لا تجب إلا بفريضة من السلطان حين يجدهما يستحقانها ويجد له مالا يعديهما فيه وإلا فلا. قاله أصبغ. ومال الغائب الذي يباع في نفقة أبويه عروضه لا أصوله، وإذا حلفت المرأة لتستحق النفقة في غيبة زوجها حيث ادعت أنه لم يكن له مال سوى ربع وتأخر بيعه عن الحلف، فإن إعداءها بالنفقة من يوم الحلف لا من يوم انعقاد البيع. قاله الحطاب. وقد مر أنه يفرض لها من يوم الرفع، وقد مر أنه لا تباع أصول الغائب في نفقة أبويه أي حيث لم تفرض نفقتهما عليه قبل مغيبه، فإن
(١) كذا في الأصل ولفظ الحطاب ح ٤ ص ٦٠٣ فإن لم يكن له مال أيؤمر أن أن يتداينا عليه ويقضى لهما بذلك قال أما الزوجة فنعم وأما الأبوان فلا الخ.