واجب، ولو حمل تصدق على الجواز لصح أن المص أشار بالمبالغة لقول مالك، وقوله: وتصدق بما غش، هو المشهور، وقيل: يراق اللبن وتحرق الملاحف الردية. قاله ابن العطار. وأفتى به ابن عتاب في أعمال الخزازين إذا غشوا فيها، وقيل: تقطع خرقا خرقا وتعطى للمساكين. قاله ابن عتاب. وقيل: لا يحل الأدب في مال امرئ مسلم. حكى هذه الأقوال ابن سهل. قال ابن ناجي: واعلم أن هذا الخلاف إنما هو في نفس المغشوش هل يصح فيه الأدب أم لا؟ وأما لو زنى رجل مثلا فإنه لا قائل فيما قد علمت أنه يؤدب بالمال، ما يفعله الولاة في ذلك فجور لا شك فيه. انتهى. وقال الشيخ سيدي عبد الواحد الونشريسي: أما مسألة العقوبة بالمال، فقد نص العلماء على أنها لا تجوز بحال، وفتوى البرزلي بتحليل المغرم اللقب بالخَطَا، لم يزل الشيوخ يعدونها من الخَطَا، ويقبضون عن متابعته الخُطَا، وما وقع من الخلاف في طرح المغشوش أو التصدق به وحرق الملاحف الردية النسج وشبه ذلك إنما هو من باب العقوبة في المال لا من باب العقوبة به، ومنه التصدق بأجرة المسلم المؤاجر من كافر نفسه في عصر الخمور ورعي الخنزير إن اطلع عليه بعد الفوات بالعمل والتصدق بأثمان الخيل والسلاح المبيعة ممن يقاتل بها المسلمين، وما روي عن مالك من حرق بيت الخمار كما في نوازل البرزلي فهي رواية شاذة، وهو راجع لذلك أيضا؛ لأن المراد البيت الذي يوجد فيه الخمر ليبيعها فيه، فهو راجع إلى العقوبة في المال الذي عصى الله فيه، كما هو لائح من كلام ابن رشد في سماع القرينين، واستحسان البرزلي ما يفعله حكام قرى تونس من إغرام مُرسِلِ البهائم في الكروم شيئا مدخولا عليه جارٍ على مذهبه، إلا أن يكون ما يغرمه قدر ما أتلفته البهائم فيكون من باب غرم المتلف لا من باب العقوبة بالمال. انتهى. قاله بناني. وقال الحطاب عند قوله: ولو كثر: هذا قول مالك، وقال ابن القاسم: لا يتصدق إلا بما كان يسيرا. قال ابن رشد: وقول ابن القاسم أحسن من قول مالك؛ لأن الصدقة بذلك من العقوبات بالأموال، [والعقوبة بالمال (١)] أمر كان في أول الإسلام ثم نسخ ذلك وعادت العقوبة بالأبدان، فكان قول ابن القاسم أولى بالصواب، والقياس أن لا يتصدق بقليل ولا كثير. وقال
(١) ساقط من الأصل والمثبت من الحطاب ج ٥ ص ١٤٦ ط دار الرضوان.