القرطبي في حديث التي لعنت الناقة رأتت النبي -صلى الله عليه وسلم-: يستفاد منه جواز العقوبة بالمال في المال لمن جنى فيه بما يناسب ذلك. وقال في الإكمال: فيه العقاب في المال ليزجر غيرها. (إلا أن يكون اشترى كذلك) يعني أن محل التصدق المذكور إنما هو حيث لم يكن اشتري مغشوشا، وأما إن اشتراه كذلك أي مغشوشا فإنه لا يتصدق به عليه ولا ينزع منه ولكن لا يمكن من بيعه قاله عبد الباقي. وقال الحطاب: إلا أن يكون اشترى كذلك يريد أو وهب له أو ورثه. قال ابن رشد: فلا اختلاف أنه لا يتصدق بشيء من ذلك، والواجب أن يباع ممن يؤمن أن يغش به.
(إلا العالم ليبيعه) مستثنى من المستثنى؛ يعني أن من اشترى مغشوشا وهو عالم بأنه مغشوش واشتراه (ليبيعه) ممن يغش به فإنه يتصدق به عليه قبل أن يبيعه أو بعده ورد عليه فإن تعذر رده عليه، بفواته أو ذهاب المشتري ففي ثمنه الأقوال الثلاثة التي قدمها المص، فالتصدق به عليه قبل أن يبيعه كما مر محمول على ما إذا فات رده لبائعه، وما مر من فسخه فيما إذا لم يفت، فلا منافاة بين قوله هنا: يتصدق به على مشتريه عالما بغشه ليغش به، وبين ما مر من فسخه. ومفهوم قوله: ليبيعه، أن شراءه مع علمه بغشه ليأكله أو يدخره لا يتصدق به عليه وهو كذلك، ثم ذكر بعض جزئيات الغش مدخلا لما لم يذكره تحت كاف التمثيل. فقال:
(كبل الخمر بالنشاء) كأن سائلا سأله عن كيفية الغش ما هي؟ فقال: كبل الخُمُر لخ؛ أي مثال الغش هو بل الخمر بالنشا، والخمر جمع خمار بالكسر من أي صنف كان من خز أو حرير أو غيرهما، والنشا بالقصر وقد يمد ما يعمل منه الجلد يبلون به الخمر لتظهر صفاقتها وتصفى به ألوان الثياب، ومعنى يعمل منه الجلد يلصق به، وهو يعمل من القمح، ويأتي أنه ليس بربوي بل ليس بطعام وتصميغ حاكة صنعتهم هي كبل الخمر، ويخير المشتري ولو علم أن أصل النشاء والصمغ فيه لأنه قد يخفى عليه قدر ما فيه. قاله ابن حبيب. أي بين التماسك والرد فإن فاتت ردت للأقل من الثمن والقيمة. قاله عبد الباقي. وقال المواق عن ابن عرفة: الغش التدليس وهو