للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إبداء البائع ما يوهم كمالا في مبيعه كاذبا أو كتم عيبه وهو محرم إجماعا كبيرة، لحديث مسلم: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام فأدخل يده فنالت أصابعه بللا، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ فقال: أصابته السماء يا رسول الله، فقال: أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس، من غشنا فليس منا (١)). ولا يجب فسخه. سمع ابن القاسم: لا خير في خُمُر تعمل من القز وترش بخبز مبلول لتشد وتصفق وهو غش. ابن رشد: لظن مشتريها أن شدتها من صفاقتها، فإن كان مشتريها علم أن شدتها من ذلك فلا كلام له وإلا فله ردها. انتهى. وقال الحطاب عند قوله: كبل الخمر (٢) بالنشا: فإن علم المشتري أنها مبلولة بالنشا وأن ذلك يصفقها ويشدها لم يكن له كلام، وإن لم يعلم أنها مرشوشة بذلك كان بالخيار بين أن يرد أو يمسك، فإن فاتت ردت إلى القيمة إن كانت أقل من الثمن؛ وكذلك إن علم أنها (٣) مرشوشة بذلك ولم يعلم أن ذلك يشدها، وهذا نحو ما قاله ابن حبيب: إن ما يصنعه حاكة الديباج من تصميغها غش لأنه وإن كان التصميغ لا يخفى عن المشتري فقد يخفى عليه قدر ما أحدث عليه من الشدة والتصفيق. والله أعلم. انتهى.

وسبك ذهب الجيد وردي، هذا مثال للغش أيضا؛ يعني أن سبك الذهب الجيد مع الردي من الغش لأنه يوهم جودة جميعه، وكذا الفضة. قال في الجواهر: ويكسر إن خيف التعامل به. الفاكهاني: ومِن خلط الجيد بالردي خلطُ لحم الذكر بالأنثى، وحرم خلط جيد بردي كانا من صنف أو كل واحد من صنف، ولو دخل على تبيين قدر كل واحد قبل الخلط وصفته لاحتمال غش من يشتريه، ووجب تخليص كل قبل البيع إن أمكن، فإن عسر كقمح بشعير صح البيع بعد الوقوع، وكذا فيما يمكن، وهذا كله إن لم يكن الردي تبعا وإلا جاز خلطه وبيعه من غير بيان وليس للمبتاع كلام. قاله عبد الباقي. قوله: وإلا جاز خلطه وبيعه لخ، فيه نظر بل ظاهر كلام ابن رشد أن خلطه حرام مطلقا، وأن الذي يجوز إن كان تبعا هو بيعه من غير بيان. قاله بناني.


(١) مسلم، رقم الحديث ١٠٢.
(٢) في الأصل الخبز والمثبت من الحطاب: ج ٥ ص ١٤٧ ط دار الرضوان.
(٣) في الأصل أنه والمثبت من الحطاب: ج ٥ ص ١٤٧ ص دار الرضوان.