ومسح أعلاه وأسفله قال الإمام الحطاب: الظاهر أن قوله: "مسح" فعل، ومراده به وجوب مسح الأعلى والأسفل، وهو ظاهر المدونة، قال فيها: ولا يجوز مسح أعلاه دون أسفله، ولا مسح أسفله دون أعلاه، إلا أنه إن مسح أعلاه وصلى فأحب إلي أن يعيد في الوقت؛ لأن عروة كان لا يمسح باطنهما، ففهم منه أن الأعلى والأسفل عنده واجبان، وإنما اقتصر في ترك الأسفل على الوقت مراعاة للخلاف. انتهى. وفي الشبراخيتي أن "مسح" مصدر مضاف لمفعوله، وأن أسفله منصوب على أنه مفعول معه؛ أي وندب مسح أعلاه مع أسفله؛ يعني أن الجمع بينهما مستحب. انتهى. الشبيبي واختلف في الواجب من مسحهما: المشهور وجوب مسح الأعلى واستحباب مسح الأسفل، والثاني وجوبهما لابن نافع، والثالث وجوب أحدهما من غير تعيين. وقال في القوانين: الواجب مسح أعلاه، ويستحب مسح أسفله، وقيل يجب.
وبطلت إن ترك أعلاه يعني أن من ترك مسح الأعلى من الخف واقتصر على مسح الأسفل، وصلى بطلت صلاته سواء ترك مسح الأعلى عمدا أو جهلا أو نسيانا، فإن أتي به أيضا لم تبطل. وبنى بنية إن نسى مطلقا، وإن عجز ما لم يطل، وكذا يقال في قوله: لا أسفله يعني أن من مسح أعلى الخف وترك مسح أسفله لا تبطل صلاته، وإذا لم تبطل فإنه يعيد الصلاة في الوقت إذا لم يأت به، والمراد بالوقتِ الوقتُ المختار، ويعيد الوضوء أبدا وكل ذلك على جهة الندب. قاله الشيخ عبد الباقي. وقال الشيخ إبراهيم: وأعاد في الوقت مراعاة لقول ابن نافع بوجوب مسح الأسفل، وترك بعض مسح الأعلى كترك كله، وكذا ترك مسح بعض الأسفل. قال سيدنا على رضي الله عنه:[لو كان الدين يؤخذ بالقياس لكان مسح أسفل الخف أولى من أعلاه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على ظاهر خفيه](١))، وقال أبو حنيفة: الأسفل ليس محلا للمسح. قاله الشيخ إبراهيم. قال الشيخ الخرشي: وسبب الخلاف اختلاف الأحاديث. فإنه روي أنه عليه الصلاة والسلام مسح على الأعلى فقط. فأخذ به الإمام أبو حنيفة، وأخذ الإمام مالك بحديث
(١) عن على رضي الله عنه قال لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظهر خفيه. أبو داود في سننه، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ١٦٢.