يزل متصل السفه، وإن كانوا أعدل من الشهود الذين قضى القاضي بشهادتهم إذ قد فات موضع الترجيح بين الشهود بنفوذ الحكم، فإنما توجب شهادتهم الحكم بتسفيهه وتكون أفعاله من يوم حكم بترشيده إلى يوم حكم بتسفيهه جائزةً ماضيةً. انتهى. وقد علم أن اليتيم والصغير يجوز له شراء ما لابد له منه حيث كان على وجه السداد، وإذا ادعى على المولى عليه في شيء باعه أنه باعه قبل أن يجوز له البيع، وقال المبتاع بعد أن جاز له البيع فالبينة على البائع لأنه يريد فسخ بيع قديم، ولابن سحنون في كتابه أن القول قول السفيه. انتهى انظر ابن سلمون.
إلا كدرهم لعيشه مستثنى من قوله:"وللولي رد تصرف مميز" يعني أن المحجور المميز لا يحجر عليه في تصرفه بمعاوضة في الشيء التافه الذي لابد له منه، كدرهم لعيشه وعيش ولده ورقيقه وأمهات أولاده إذا أحسن التصرف فيه، قال عبد الباقي: وأخرج من قوله: "وللولي رد تصرف مميز" قوله: "إلا كدرهم" شرعي "لعيشه" وعيش ولده ورقيقه وأمهات أولاده من لحم وبقل وخبز فلا يحجر على المولى عليه فيه إذا أحسن التصرف فيه، وأما نفقة زوجته وخادمها فتعطى لها. قاله ابن ناجي. لأنها لحريتها أشبهت غير المحجور عليه، فإن كانت أمة دفعت نفقتها لسيدها فيما يظهر. انتهى.
وقال المواق من المدونة: لا يجوز للمولى عليه بيع ولا يلزمه ذلك بعد بلوغه ورشده، ولا يجوز شراؤه أيضًا إلا ما لا بد منه وهو تدفع إليه نفقته فيشتري بها ما يصلحه. انتهى. قوله: نفقته أطلق النفقة على الثمن لأنه سببها من إطلاق المسبب وإرادة السبب. قاله مقيده عفا اللَّه تعالى عنه. واللَّه تعالى أعلم. وقال الشارح: لما ذكر أن الولي يخير في رد تصرف الصبي وإمضائه، ذكر أن ذلك مخصوص بما كان له قدر وبال، فأما مثل الدرهم يبتاع به طعاما لنفسه ونحوه فلا. اهـ. لاطلاقه عطف على "تصرف مميز" يعني أن الولي له أن يرد تصرف المميز بتبرع وغيره مما مر، وليس له أن يرد طلاقه أي المميز البالغ السفيه، فإذا طلق السفيه زوجته نفذ طلاقه، وليس للولي فيه كلام لأن الطلاق بيد من يرفع الساق، وأما الصبي فلا يلزمه طلاق. قال عبد الباقي: وأخرج أيضًا من قوله: وللولي رد تصرف مميز بناء على أن يراد به ما يشمل البالغ السفيه كما مر تجوزا ما يخص البالغ السفيه، فقال:"لا طلاقه" بالجر عطف على "تصرف" فلا يرد تصرفه فيه بل