قوله:"وإن كان فيها دين فكبيعه" هذا جار في جميع صور المصالحة من غير التركة، وكذا إن كان الدين في نوع ما صالحها به أو في غير نوعه وصالحها بأزيد من حظها من النوع الذي صالحها به، فإذا صالحها بذهب قدر مورثها منه فأقل والدين في غير ذلك جاز، وإن صالحها من المذهب بأكثر من حظها والدين في الدراهم أو في العرض فلابد في ذلك من مراعاة بيع الدين، وقصد المص استيفاء الفروع التي في المدونة وإلا فقوله:"وعن دراهم" لخ يغني عنه قوله: "إن قلت الدراهم"، وكذا قوله:"وإن كان فيها دين فكبيعه" يغني عنه قوله فيما مر "وأقر المدين وحضر".
وَلَمَّا تكلم على الصلح على الأموال، شرع يتكلم على صلح الدماء فقال: وعن العمد بما قل أو كثر يعني أنه يجوز الصلح عن دم العمد في نفس أو طرف بما قل عن الدية أو كثر عنها؛ لأن العمد لا دية فيه وإنما فيه القصاص، فتجوز المصالحة على تركه بدية النفس أو بأكثر منها أو بأقل، وكذا يقال فيما دون النفس، قال عبد الباقي: وجاز الصلح عن دم العمد نفس أو جرح بما قل عن الدية وكثر عنها معينا ذلك عند عقد الصلح؛ لأن دم العمد لا دية فيه، وأما إن وقع وقته مبهما فينعقد ويكون كالخطإ. قاله ابن رشد. انتهى. وقال المواق من المدونة: كل ما وقع به الصلح عن دم عمد مع المجروح أو مع أوليائه بعد موته فذلك لازم، كان (أكثر)(١) من الدية أضعافا أو أقل من الدية لأن دم العمد لا دية فيه إلا ما اصطلحوا عليه، وإذا وجب لمريض على رجل جراحة عمدا فصالحه في مرضه على أقل من الدية أو من أرش تلك الجراحة، ثم مات من مرضه فذلك جائز لازم؛ إذ للمقتول العفو عن دم العمد في مرضه وإن لم يدع مالًا. انتهى.
لا غرر يعني أنه لا يجوز الصلح عن دم عمد ولا عن غيره بالغرر، قال الخرشي: الأحسن عطفه على ما يفيده الكلام السابق أي وجاز الصلح بما استوفى الشروط لا بغرر. انتهى. وقال المواق من المدونة: لا يجوز الصلح عن جناية العمد على ثمرة لَمْ يَبْدُ صلاحها، فإن وقع ذلك ارتفع القصاص وقُضِيَ بالدية. انتهى.