ولما ذكر تراجع الحملاء الغرماء ذكر تراجع الحملاء فقط فقال: وهل لا يرجع الحميل بما يخصه أيضا أي كعدم رجوعه بما يخمه فيما سبق في الحملاء الغرماء إذا كان الحق على غيرهم أوَّلًا بتشديد الواو مع التنوين أي ابتداء وعليهم بطريق الحمالة، وعليه الأكثر من العلماء، قال الشارح: وإليه ذهب كثير من الأندلسيين ونحوه في الموازية، وفي سماع أبي زيد في المستخرجة: فجعلوا ما ينوب كل واحد من المال وهو مائة في المثال الآتي كما لو كان عليه من أصل الدين أو يرجع بما يخصه، وإليه ذهب ابن لبابة والتونسي وغيرهما، قالوا: لأنهم سواء في الحمالة وليس يخص أحدهم ما لا يخص غيره.
وقوله: تأويلان مبتدأ حذف خبره أي في ذلك تأويلان. واعلم أن الشيخ مصطفى رحمه اللَّه تعالى، قال: إن الصواب في تقرير كلام المص وبه تظهر مسألة الخلاف إذا أخذ رب الدين من الأول ما يخصه فقط وهو مائة، فهل لا يرجع به كما إذا كان الحق عليهم أو يرجع به؟ قال: والمسألة مفروضة هكذا في كلام ابن رشد في مقدماته، وذكر نصه على نقل أبي الحسن والمواق، ثم قال مصطفى: وأما فرض المسألة فيما إذا أخذ جميع الحق من أحدهم فلا يظهر للخلاف فيه معنى لمن تأمل وأنصف، وإن كان جمع من المحققين فرضوه في ذلك كعياض وابن عبد السلام وابن عرفة، بل جميع من وقفت عليه غير ابن رشد مع أنهم لم ينقلوا إلا كلام ابن رشد ولعلهم حرفوه وإن كان يبعد تواطؤ هؤلاء الأيمة الأجلاء على التحريف، فإنه لا يصح فرضهم والحق أحق أن يتبع. اهـ.
وصوب الرهوني تقرير الشيخ مصطفى واعتراضه على الأيمة إلا أنه قال: قولُ مصطفى: إنما تظهر ثمرة الخلاف إذا دفع قدر ما ينوبه فقط فِيهِ نَظرٌ، وصوابه أن يقول بدله إذا لم يدفع الحق كله فيصدق بثلاث صور: دفعه مقدار حقه فقط أو أقل أو أكثر ولم يوف الحق كله. اهـ المراد منه. فإذا كانوا ثلاثة تحملوا بثلاثمائة وكلهم كفيل عن صاحبه، فإذا لقي رب الدين أحدهم فأخذ منه مائة فلقي هذا المأخوذ منه واحدًا من صاحبيه (١) فعلى التأويل الأول وهو التأويل المذكور لا يرجع عليه