للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بقدر ما تصلى فيه ظهر حضرية أو عصر حضرية. وعلى القول المتقدم فاعلم أن حاسة السمع يسمع بها من الجوانب الأربع، فقوبلت بالعصر أربع ركعات.

وهل في آخر القامة الأولى يعني أن الشيوخ اختلفوا في الوقت الحاصل فيه الاشتراك بين الظهر والعصر، فمنهم من ذهب إلى أن الاشتراك حاصل في آخر القامة الأولى، فتكون العصر داخلة على الظهر، واختاره ابن رشد وابن عطاء الله وابن راشد، أوأول الثانية يعني أن من الشيوخ من ذهب إلى أن اشتراك الظهر والعصر حاصل في أول القامة الثانية؛ وهو المشهور عند سند، وغيره خلاف أي في ذلك خلاف، وتظهر ثمرته في الإثم وعدمه، والإجزاء وعدمه، فإذا أخر الظهر لأول القامة الثانية أثم على الأول لا على الثاني، وإذا قدم العصر في آخر القامة الأولى بطلت على الثاني لا على الأول. ومنشأ الخلاف قوله صلى الله عليه وسلم في المرة الأولى: (فصلى بي جبريل العصر حين صار ظل كل شيء مثله (١)). ثم قال في الثانية: فصلى الظهر من الغد حين صار ظل كل شيء مثله. هل معناه شرع فيهما أو فرغ فيهما؟ ويجري هذا الخلاف في العشاءين على القول بامتداد وقت المغرب للشفق، وإذا قيل بدخول الغرب على العشاء، فبمقدار ثلاث ركعات من أول وقت العشاء، فإن قيل بدخول العشاء على المغرب فبقدر أربع. قاله غير واحد. وقال ابن حبيب: لا اشتراك بين الظهر والعصر، وعزاه اللخمي وصاحب الطراز لابن المواز وابن الماجشون، ونقله ابن فرحون وابن ناجي عن اللخمي، وقال ابن ناجي: واختاره ابن العربي قائلا: تالله ما بينهما اشتراك، ولقد زلت أقدام العلماء. قاله الإمام الحطاب. واتفق مالك وجميع أصحابه على إباحة الجمع بين المشتركتين لعذر من سفر أو مرض على اختلاف بينهم في ذلك على التفصيل، واختلفوا في إباحة الجمع بينهما لغير عذر، والمشهور أن ذلك لا يجوز. وقال أشهب: يجوز ذلك على ظاهر حديث ابن عباس (٢) وغيره. قاله الحطاب عن ابن رشد. وفي الطراز: من صلى العصر قبل القامة لا يجزئه على المشهور، وهو المعروف من قول جماعة الناس. وقال أشهب في


(١) أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٣٩٣. - النسائى في سننه، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٥٢٤.
(٢) صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا بالمدينة في غير خوف ولا سفر، قال أبو الزبير: فسألت سعيدا لم فعل ذلك؟ فقال: سألت ابن عباس كما سألتني، فقال: أراد أن لا يحرج أحدا من أمته. مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، رقم الحديث: ٧٠٥.