للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله مرة. ولما فرغ من بيان وقت المغرب المختار، شرع يبين مختار العشاء، فقال:

وللعشاء من غروب حمرة الشفق يعني أن الوقت المختار للعشاء مبدؤه من غيبوبة الشفق، والشفق هو الحمرة الباقية في ناحية غروب الشمس من بقايا شعاعها، وهذا هو الذي عليه أكثر العلماء. وعند أبي حنيفة: من غروب البياض، وفي حديث جبريل: (أنَّه - صلى الله تعالى عليه وسلم - صلى العشاء حين غاب الشفق (١) وهو مختص في الاستعمال بالحمرة لقول أعرابي وقد رأى ثوبا أحمر: كأنه شفق. وقال المفسرون في قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ} [الانشقاق: ١٦]: إنه الحمرة. وجاء تسمية العشاء عتمة في قوله - صلى الله تعالى عليه وسلم -: (لو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا (٢))، مأخوذ من عتمة الليل؛ وهي ظلمته، وتنتهي إلى الثلث الأوّل. قاله ابن حجر. وقال الخليل: العتمة الثلث الأوّل من الليل بعد غيبوبة الشفق، وقد عتم الليل يعتم كضرب يضرب، وعتمته ظلامه. انتهى. وجاء النهي عن تسميتها عتمة، وفي كونه للكراهة أو للتحريم أو خلاف الأولى، أقوال. وقال الشاذلي: وتسميتها بالعتمة مكروهة عند جماعة من العلماء منهم مالك من رواية ابن القاسم، وما ورد في الصحيح من تسميتها بذلك مأول بوجوه، منها أن ذلك بيان للجواز، ويجوز وصفها بالآخرة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنى العشاء الآخرة (٣))، وألفاظ الصحابة بهذا مشهورة. ووقع لمالك وصفها بذلك في المدونة وغيرها، وروى مسلم: (لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ألا إنها في كتاب الله العشاء وهم يعتمون بالإبل؛ وفي رواية: بحلاب الإبل (٤))؛ أي يؤخرونه إلى شدة الظلام. وسميت صلاة العشاء بالعشاء لوقوعها في وقت العشاء بكسر العين ممدودا: أول الظلام من المغرب إلى العتمة، وبالفتح: طعام ذلك الوقت، أو لاشتقاقها من العشا؛ وهو ضعف البصر لوجود ذلك حينئذ. قاله الشيخ إبراهيم. وعلم


(١) الترمذي، في سننه، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ١٤٩.
(٢) البخاري، كتاب الأذان، رقم الحديث: ٧٢١.
(٣) مسلم في صحيحه، كتاب المساجد، رقم الحديث: ٦٤٤.
(٤) لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ألا إنها العشاء وهم يعتمون بالإبل. وفي رواية: لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم فإنها في كتاب الله العشاء وإنها تعتم بحلاب الإبل. مسلم في صحيحه، كتاب المساجد، رقم الحديث: ٦٤٤.