للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والأول لابن أبي زيد، والثاني لابن العربي، ونقله عبد الحق عن بعض المتأخرين. قاله الحطاب. الأعلى وهو الذي يميز الشخص فيه جليسه تمييزا واضحًا، والظاهر أنَّه يراعى في ذلك البصر المتوسط في محلّ لا سقف فيه ولا غطاء. قاله غير واحد. وإيضاح معنى قول المص: "للإسفار الأعلى" أن الوقت المختار للصبح مبدؤه من الفجر الصادق، وينتهي للإسفار الأعلى، وما مشى عليه المص رواية ابن القاسم وابن عبد الحكم، ومذهب المدونة. وقال ابن عبد السلام: إنه المشهور، وقيل: لطلوع الشمس؛ وهو رواية ابن وهب في المدونة والأكثر، وعزاه عياض لكافة العلماء وأئمة الفتوى. قال: وهو مشهور قول مالك. ابن العربي: ولا يصح عن مالك غيره، ولا ضروري لها على هذا القول. وعلى القول المتقدم قوبلت نعمة اللمس بالصبح؛ لأنه يدرك به الخشن والناعم. والله سبحانه أعلم.

وهي الوسطى يعني أن صلاة الصبح هي الصلاة الوسطى المذكورة في قول الله - عز وجل -: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}، عند مالك وعلماء المدينة وابن عباس وابن عمر وعلي؛ وهو قول الشافعي الذي نص عليه. ولكن قال أصحابه إنه قد قال: إذا صح الحديث فهو مذهبي، وقد صح في الحديث أنها العصر فصار مذهبه. قاله الشبراخيتي. وفي الحديث: (شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا (١)). قاله - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق، رواه البخاري. وفي مسلم: (شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر (٢))، والقول بأنها العصر مروي عن علي، وابن مسعود، وابن عباس، وأبي هريرة من الصحابة - رضي الله عنهم -، وعن النخعي، والضحاك، وقتادة من الفقهاء والوسطى: تأنيث الأوسط بمعنى الأفضل، أو بمعنى المتوسط بين شيئين. وما من صلاة من الخمس إلا قيل إنها الوسطى، وقيل هي صلاة الصبح والعصر، وقيل: الجمعة في يومها والظهر في سائر الأيام. وقيل: الوتر، وقيل: الخمس كلها، وقيل أخفيت ليجتهد في الجميع، كما قيل: في ساعة الجمعة وليلة القدر، وقيل: العشاء والصبح، وقيل: الجمعة، وقيل: صلاة الجماعة في جميع الصلوات، وقيل: صلاة الخوف،


(١) ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس. البخاري، كتاب الجهاد والسير، رقم الحديث: ٢٩٣١.
(٢) مسلم في صحيحه، كتاب المساجد، رقم الحديث: ٦٢٨.