للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القائل إنها من صلاة الليل، فيباح للصائم الطعام بعدها لطلوع الشمس في خبر: صلاة النهار عجماء لأنه لم يرد عنه - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هو من قول الفقهاء على أن المقصود معظم النهار. ألا ترى أن صلاة الجمعة والعيدين غير عجماء وتسمى صلاةَ الفجر وصلاة الصبح؟ والصبح أول النهار وصلاة الغداة؟ والغداة أول النهار. وذكر الدميري عن الشافعي أنَّه قال: لا أحب أن تسمى الغداة [وقاله (١)] المحققون وقال الطبري والشيخ أبو إسحاق: ويكره أن تسمى الغداة. قال النوويّ. وما قاله غريب، فالصواب أنَّه لا يكره وتسمى التنوير وقرآن الفجر، وقد يسقط لفظ الصلاة فتسمى الصبح والفجر والغداة وصلاة التنوير وقرآن الفجر، وما تقدم عن الأعمش من أنها من صلاة الليل. وأن ما قبل طلوع الشمس [يحل (٢)] فيه الطعام والشراب، نقله ابن الصباغ في شامله، وهو بعيد من قول الله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧]. وقد ظهر تحريم الأكل بطلوع الفجر عند العام والخاص في كل عصر ومصر. نقله الحطاب. وفيه إبطال القول بأنها ليست من صلاة الليل ولا من صلاة النهار؛ لأنَّ الله تعالى ذكر الليل والنهار ولم يذكر وقتا ثالثا. وقال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: ١١٤]، ولا خلاف أن المراد بأحد الطرفين الصبح، فثبت أنها من صلاة النهار، ويدل عليه قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ} الآية. قال ابن عباس: الخيط الأبيض هو الصبح المتفلق، والخيط الأسود هو سواد الليل، فدلّ على أنَّه لا واسطة بينهما. انتهى. وقال الإمام الحطاب: ولا شك أن ذلك الوقت يعني الفجر الكاذب من الليل، فلا يحرم فيه الأكل، ومن صلى الصبح فيه لم تجزه بلا خلاف. انتهى.

للإسفار ويطلق لغة على البيان والكشف، ومنه الحديث: (أسفروا بالفجر فإنَّه أعظم للأجر (٣))؛ أي صلوه عند استبانته وظهوره، وشرعا على قوة الحمرة والضياء قبل طلوع الشمس الذي ليس بعده إلا ظهور قرص الشمس، وعلى ما تتبين به الأشياء وتتراءى به الوجوه. قاله الشبراخيتي.


(١) في الأصل: وقال، والمثبت من الحطاب ج ٢ ص ٣٣ دار الرضوان.
(٢) ساقطة من الأصل والمثبت من الحطاب ج ٢ ص ٣٣ ط دار الرضوان.
(٣) الترمذي في سننه، أبواب الصلاة، رقم الحديث: ١٥٤.