للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تطلب غيرها فقد تقدم أنها كالفذ، فالأفضل لها تقديم الصلاة مطلقا ظهرا أو غيرها، شتاء أو صيفا. وقوله: "وتأخيرها لربع القامة" هذا التأخير لاجتماع الناس، وليس من معنى الإبراد في شيء؛ فهو من مراعاة المصلحة العامة لاشتغال الناس غالبا في صنائعهم وقت الظهر. قاله الباجي. قوله: "وتأخيرها"؛ يعني الظهر كما علمت، وأما الجمعة فلا يستحب تأخيرها لربع القامة، بل السنة فيها أن تصلى إثر الزوال، وكذا قالوا: يعجل عصر يوم الجمعة ويصليها في جماعة.

واعلم أن أجر صلاة الجمعة يكمل بصلاة عصرها جماعة. نقله التفجروتي. ابن العربي في عارضته في باب تعجيل الظهر: لو اتفق أهل حصن على الصلاة في آخر الوقت لم يقاتلوا، ولو اتفقوا على ترك الجماعة قوتلوا. قاله الحطاب.

ويزاد لشدة الحر هذا هو الإبراد المأمور به في حديث الرسول - صلى الله تعالى عليه وسلم -: (إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم (١))؛ يعني أنَّه يزاد على تأخير الظهر لربع القامة لأجل شدة الحر؛ لأنه مُذْهِبٌ للخشوع، وفيح جهنم نَفَسَها، واحترز المص بشدة الحر من مطلقة. قاله الشيخ إبراهيم. ولم يبين المص حدّ الزيادة. الباجي: نحو الذراعين. ابن حبيب: فوقهما بيسير. ابن عبد الحكم: أن لا يخرجها عن وقتها. والعلة غير متيقنة في الفذ؛ لأنه قد يصلي في بيته، وحديث الإبراد ناسخ لحديث جابر: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر بالهاجرة (٢) ولحديث خباب: (شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حر الرمضاء في جباهنا وأكُفِّنا فلم يُشْكِنا (٣))، أي لم يُزِلْ شكوانا. وقيل إنهم طلبوا تأخيرا زائدا على قدر الإبراد، وقوله: أبردوا بالصلاة؛ أي أوقعوها في وقت البرد. ابن العربي: ومعنى الإبراد أن تتفيأ الأفياء، وينكسر وهج الحر والفيح لهب النار. قاله الشاذلي. ويستثنى من قوله: "وتأخيرها" قوله في الحج: ثمَّ أذن وجمع بين الظهرين إثر الزوال وروى إسماعيل: صلاة الظهر عند الزوال صلاة الخوارج. قاله ابن عرفة. وقال الشاذلي على الرسالة: إن في الإبراد بالظهر


(١) البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، رقم الحديث: ٥٣٦.
(٢) البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، رقم الحديث: ٥٦٥.
(٣) مسلم، كتاب المساجد، رقم الحديث: ٦١٩. - ولفظه: أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشكونا إليه حر الرمضاء فلم يشكنا. والسنن الكبرى للبيهقي، ج ٢ ص ١٠٧.