ولا في الكراهة، وأما التمييز فهو شرط في جميع الأحكام إجماعا، فالصبي قبل التمييز كالبهيمة لا يخاطب بإباحة فضلا عن غيرها. قاله الحطاب.
واعلم أن التكليف هو إلزام ما فيه كلفة، وفي الحطاب الخلاف في المراهق، فقيل: إنه لا يؤاخذ بذنب ولا يثاب على طاعة، وقيل: إنه يثاب على الطاعة. انتهى. وقد علمت أن الراجح أنَّه تكتب له الحسنات ولا يعاقب على الذنوب، وفي الحطاب أنَّه اختلف في ثواب صلاة الصبي، فقيل: له، وقيل: لوالديه وله، وقيل: لوالديه ويكون بينهما نصفين، وقيل: الثلث للأب والثلثان للأم، وقيل: إنما يكون للصبي. والحديث يرد على من يقول إنه لوالديه؛ لأنه قال في الحديث:(إن الصبيان يتفاوتون في الدرجات في الجنة على قدر أعمالهم في الدنيا كما يتفاوت الكبار))، ويؤيده قوله تعالى:{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[النجم: ٣٩]. انتهى. وقد مر أن تأديب الصبيان يعتبر فيه حالهم، وقال بعضهم: يضربون على الصلاة ثلاثة أسواط، وعلى الألواح خمسة. وعلى السب سبعة، وعلى الهرب عشرة، ويكون ذلك بسوط لين، زاد الشيخ يوسف بن عمر: فإن زاد اقتص منه. نقله الإمام الحطاب. وقد مر الحديث: يؤمر بالصلاة إذا عرف يمينه من شماله، فقيل: بظاهره، وقيل: إذا ميز الحسنات؛ لأنَّ كاتب الحسنات عن يمينه، وكاتب السيئات عن شماله. ذكر التأويلين التادلي. قاله الإمام الحطاب. وروي عن مالك أنهم يضربون لسبع؛ وهو في سماع أشهب، وتأول بعضهم الحديث على أنهم يؤدبون بغير الضرب قبل العشر، وعند العشر يضربون. وقال أشهب: فإن زاد المؤدب عن ثلاثة اقتص منه.
تنبيه فإن تلاصق بالغ وغيره بعورتهما من غير حائل أو بحائل، فإنَّه يجري الحكم في البالغ على ما مر ولا حرمة على غيره، وإنما يكره له ذلك إن كان ممن يؤمر بالتفرقة. قاله الشيخ الخرشي. والشبراخيتي، وقال الشيخ الأمير: وكره تلاصقهم؛ أي الصبيان، وإن بلذة بالعورة فإنهم يخاطبون بها، وبالندب على التحقيق، والظاهر حرمة إقرارهم من الولي؛ لأنه يجب عليه إصلاح حالهم كبالغ، وإن بعورة فوق حائل بدون لذة، وإلا حرم. انتهى. قوله:"كبالغ" تشبيه في الكراهة، وقوله: وإن بعورة فوق حائل، ما قبل المبالغة غير العورة كالصدر لا اليد مطلقا؛ أي بحائل أو بغيره، وقوله: وإلا معناه بأن كان بلذة أو بعورة مباشرة. قاله في تقييده.