للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال جامعه عفا الله عنه: والظاهر أن كلامه أعني؛ قوله: كبالغ، حيث كان في الذكرين فقط أو الأنثيين فقط. والله سبحانه أعلم. ولما أنهى الكلام على أوقات الصلاة الخمس - وسيأتي أنَّه يجوز إيقاعها في كل وقت كما سيأتي في باب قضائها - أشار إلى الأوقات التي يمنع فيها النفل بقوله: ومنع نفل وقت طلوع شمس يعني أنَّه يمنع النفل الشامل للسنن المؤكدة عند طلوع الشمس؛ أي يمنع من الوقت الذي يبدو فيه أدنى جزء منها إلى أن يبدو جميعها، فينتهي المنع، وتخلفه الكراهة إلى أن ترتفع قيد رمح كما يأتي. والمراد بالنفل ما قابل الفرض الوقتي فيشمل الجنازة، وقضاء النفل المفسد، وكذا المنذور قيد نذره بوقت منع أو كراهة، لقوله: وإنما يلزم به ما ندب أو أطلقه أو نذر صلاة يوم بعينه فيمنع نفله وقت منع، ولا قضاء عليه. كما قاله ابن عرفة. ومقتضى ما ذكره الزرقاني أن المنذور لا يصليه في وقت المنع، ويصليه في وقت الكراهة. وسيأتي أن السجود البعدي تلافيه بحسب ما ترتب عنه.

وغروبها أي وكذلك يمنع النفل بالمعنى المذكور عند غروب الشمس؛ أي بعد غيبوبة أدنى جزء منها ويستمر المنع لغيبوبة جميعها، فإذا غاب جميعها انتهى وقت المنع، وتعود الكراهة إلى أن تُصلَّى المغرب. كما يأتي قريبا إن شاء الله تعالى. وفي الحديث: (إذا بدا حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تبرز، وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغرب (١) وفيه: (لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فإنها تطلع على قرن شيطان وتغرب على قرن شيطان (٢) ومعنى قرنه: قوته، من قولك: أنا مقرن لهذا الأمر؛ أي مطيق له قوي عليه، وذلك أن الشيطان إنما يقوى أمره في هذه الأوقات لأنه يسول لعبدة الشمس أن يسجدوا لها في هذه الأوقات، وقيل: قرنه حزبه وأصحابه الذين يعبدون الشمس، وقيل: إن الشيطان يقابلها عند طلوعها، وينتصب دونها حتى يكون طلوعها بين قرنيه؛ وهما جانبا رأسه، فينقلب سجود الكفار للشمس عبادة له. انظر شرح سيدي محمَّد الزرقاني.


(١) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، رقم الحديث: ٨٢٩.
(٢) لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فإنها تطلع بين قرني شيطان وتغرب بين قرني شيطان. السنن الكبرى للنسائي، رقم
الحديث: ١٥٦٣.