للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وخطبة جمعة يعني أن النفل بالمعنى المتقدم يمنع وقت الشروع في خطبة الجمعة، وسيذكر منعه قبله أيضًا بقوله عاطفا على الممنوع: وابتداء صلاة بخروجه وإن لداخل، والمراد بالخطبة الجنس فيشمل الخطبتين، وانظر لو جلس على المنبر قبل الزوال، هل يحرم النفل بدخول وقت الخطبة، أو بالقيام لها، أو بالأذان؟ والظاهر الحرهة بمجيء الوقت الذي يخرج فيه لو كان بمحل آخر. ومفهوم قوله: "جمعة" أن النفل وقت خطبة غير الجمعة لا يمنع وهو كذلك، فيكره فيما يظهر. ويأتي في العيد أن من فاتته صلاة العيد مع الإمام تندب له إقامتها؛ أي صلاة العيد، فإن جاء والإمام يخطب جلس ولم يصلها وقت الخطبة، وسواء كان في المصلى أو في المسجد. وقال الإمام مالك: وليس من تكلم فيها؛ أي في خطبة العيد كمن تكلم في خطبة الجمعة، ويمنع النفل أيضًا عند ابتداء إقامة، وضيق وقت عن فرض، وتذكر فائتة. وإنما منع النفل عند خطبة الجمعة لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: ٢٠٤]، ولخبر: (إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب أنصت فقد لغوت (١))؛ أي أثمت، مع كونه أمرًا بمعروف لاشتغاله عن سماع الخطبة فالصلاة أولى، ولخبر الرجل الذي تخطى رقاب الناس عند دخوله وهو - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فقال له: (اجلس فقد آذيت (٢))، ولم يأمره بركوع. هذا هو الذي عليه عمل أهل المدينة. وقيل: إن الركوع للداخل أولى، واستدل له بقضية سليك الغطفاني: (إذ أمره عليه الصلاة والسلام بالركوع (٣)).

وكره بعد فجر يعني أن النفل بالمعنى المتقدم يكره بعد انصداع الفجر، ولو لداخل مسجد، وأجازه اللخمي لداخله إلى أن تقام الصلاة. قاله الشيخ عبد الباقي. قال الشيخ محمَّد بن الحسن: لم يخصصه اللخصي بالداخل ونصه ولا بأس بالتنفل بعد غروب الشمس إلى أن تقام الصلاة وكذلك بعد طلوع الفجر إلى أن تقام الصلاة أيضًا. نقله الحطاب. انتهى. والمراد بالنفل هنا ما


(١) البخاري، كتاب الجمعة، رقم الحديث: ٩٣٤. بلفظ: إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت. ومسلم، كتاب الجمعة، رقم الحديث: ٨٥١. بلفظ: إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت.
(٢) أبو داود، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ١١١٨.
(٣) جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعد على المنبر فقعد سليك قبل أن يصلي، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: أركعت ركعتين؟ قال لا. قال قم فاركعهما. مسلم، كتاب الجمعة، رقم الحديث: ٨٧٥.
- عن جابر بن عبد الله قال: جاء رجل والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب الناس يوم الجمعة فقال أصليت يا فلان؟ قال لا. قال قم فاركع ركعتين. البخاري، كتاب الجمعة، رقم الحديث: ٩٣٠.