للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على الإمام. ألا ترى أن المنع ليس خاصا بالنافلة، بل يحرم حينئذ الاشتغال بغير الصلاة التي أحرم بها الإمام؟ ومثل هذا تنفل من أخر الصلاة حتى خاف خروج وقتها، وتنفل من عليه فوائت فالمنع من النفل ليس راجعا إلى الوقت، وإنما هو لأمر آخر فإن قيل وكذلك المنع في خطبة الجمعة ليس لخصوصية الوقت وإنما هو لأجل الاشتغال عن سماع الخطبة؟ فالجواب - والله أعلم - أنَّه لما كان وقت خطبة الجمعة منه منضبطا متكررا في كل جمعة، وكان المنع فيه من النفل فقط، أشبه الوقت الذي يمنع فيه النفل. فتأمله. والله أعلم. قاله الإمام الحطاب.

الرابع: يستثنى من المنع في الأوقات المذكورة من قرب للقتل على أحد القولين، فروى الوليد بن مسلم عن مالك الجواز، وروى عنه ابن نافع المنع. قاله الإمام الحطاب. وكان ابن عرفة رحمه الله تعالى يصلي بعد صلاة العصر، فقيل له في ذلك، فقال: إنما أفعله يوم يفوتني معتادي من صلاة النهار. قاله الحطاب.

الخامس: وقع في شرح الشيخ عبد الباقي أن قول المصنف: "قبل إسفار" يرجع للشفع والوتر، قال كما ينص عليه بقوله: "وإن لم يتسع الوقت إلا لركعتين" الخ؛ وهو وهم أو تصحيف؛ لأنَّ ما يأتي حجة عليه لا له. كما قاله الشيخ محمد بن الحسن.

ولما أنهى الكلام على الأزمنة، أتبعه بالكلام على الأمكنة. فقال: وجازت بمربض بقر يعني أن الصلاة تجوز بمربض البقر؛ أي مراحه. والمربض كمقعد ومجلس؛ فهو بفتح الباء وكسرها. أو غنم أي وكذلك تجوز الصلاة بمربض الغنم، لخبر البخاري: (كان - صلى الله عليه وسلم - يصلي في مرابض الغنم (١))، وفيه استعمال المربض للغنم، ونحوه للجوهري، فقول ابن دريد: يقال في الغنم مراح لا مربض، والمربض للبقر مردود بالخبر وبما للجوهري، قاله الشيخ عبد الباقي. والمربض اسم مكان من الربوض؛ بمعنى البروك. ابن هلال: ويجوز المرور في الأرض المغصوبة والصلاة فيها إن كانت فحصا غير محدَّق عليها بجدار ونحوه، وإلا لم يجز، ولو لزم ترك الصلاة في الفحوص


(١) البخاري، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٤٢٩.