للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القسم الثالث: ما إذا تحققت النجاسة بهذه المواضع الأربعة فيعيد أبدا من صلى بها عامدا أو جاهلا بالحكم؛ لأنَّ من صلى على مكان نجس عامدا أَو جاهلا بالحكم يعيد أبدا - كما عرفت - والله سبحانه أعلم. وفي ابن غازي عند قول المصنف: "ومزبلة ومحجة ومجزرة"، عن التوضيح: إن تيقنت النجاسة أو الطهارة في الثلاث فواضح، وإن لم تتيقن فالمشهور أنَّه يعيد في الوقت بناء على الغالب. وهذا إذا صلى في الطريق اختيارا، وأما إن صلى فيه لضيق المسجد فإنَّه يجوز، نص على ذلك في المدونة وغيرها. وروى الترمذي وغيره من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (نهى عن الصلاة في سبعة مواضع: المجزرة، والمزبلة، والمقبرة، وقارعة الطريق، والحمام، ومعاطن الإبل، وفوق ظهر بيت الله الحرام (١)). قال الشاذلي: فأما النهي عن الصلاة في المزبلة وعن الصلاة في المجزرة؛ وهي المكان المعد للذبح والنحر، فنهي كراهة إن لم تؤمن من النجاسة، وإلا جازت. انتهى. وحيث قيل بالكراهة وصلى فيهما، أعاد في الوقت على المشهور عامدا أو غيره كما عرفت، وقال أيضًا: وأما النهي عن الصلاة في محجة الطريق؛ وهي قارعتها؛ وهي من إضافة الشيء إلى نفسه، فنهي كراهة. وقال عند قول الشيخ أبي محمَّد: ومقبرة المشركين، وأما النهي عن الصلاة في مقبرة المشركين فنهي كراهة لكن ليس في الحديث ذكر المشركين كما وقفت عليه، فإن كانت غير منبوشة، وأمن موضع الصلاة من شيء من أجزاء المقبورين، فالمشهور الجواز، وإن كان في موضع الصلاة شيء من أجزاء المقبورين فيجري حكم الصلاة فيها على الخلاف في الآدمي، هل يتنجس بالموت أم لا؟ هذا في مقابر المسلمين، وأما مقبره الكفار فكره ابن حبيب الصلاة فيها؛ لأنها حفرة من حفر النار، لكن من صلى فيها، وأمن من النجاسة لا تفسد صلاته، وإن لم تؤمن كان مصليا على نجاسة. انتهى.

وقال عند قول الشيخ أبي محمَّد: وفي الحمام حيث لا يوقن منه بطهارة وأما النهي عن الصلاة في الحمام وهو معروف وهو مذكر فنهي كراهة حيث لا يوقن منه بطهارة. ابن ناجي: ظاهر كلامه أنَّه إذا أيقن بطهارته فالصلاة فيه جائزة؛ وهو كذلك على المشهور في المذهب. وقال أيضًا: وأما


(١) سنن ابن ماجه، كتاب المساجد والجماعات، رقم الحديث: ٧٤٦. وسنن الترمذي، أبواب الصلاة، رقم الحديث: ٣٤٦.