للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومجزرة بفتح الميم وكسر الزاي؛ بمعنى موضع الذبح والنحر؛ يعني أن الصلاة تجوز بالمجزرة أي المحل المعد للذبح أو النحر بتمامه، فيعدل عن محلّ الذبح، ويصلي. قال الشيخ إبراهيم، والشيخ عبد الباقي: وتفسير المزبلة بما ذكر، وكذا المجزرة هو الذي يوافق الحكم بالإعادة في الوقت. وأما من فسر المزبلة بأنها موضع طرح القمامة، والمجزرة موضع تقطيع اللحم، فيرد عليه أنَّه لا إعادة في هاتين في حالة الشك لا في وقت ولا في غيره.

إن أمنت من النجس يعني أن محل جواز الصلاة بهذه الأربع من المقبرة، وما بعدها حيث تحقق أن موضع الصلاة منها ليس به نجاسة كموضع بها عال لا تصله نجاسة ولا دواب، لخبر: (جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل (١)). وبما قررت علم أن قوله. "إن أمنت" المراد به أمن الموضع الذي صلى فيه لا جميع المكان من موضع الصلاة وغيره كما في الشبراخيتي.

وإلا أي وإن لم تؤمن نجاسة هذه الأربع، فإنَّه لا إعادة على من صلى بها على القول الأحسن عند ابن بشير وغيره، ومقابل الأحسن قول ابن حبيب: يعيد العامد والجاهل أبدا، والناسي في الوقت. قاله الشيخ إبراهيم وإتيانه بقوله على الأحسن يقتضي أن مقابله حسن وليس كذلك. قاله الشيخ إبراهيم. واعلم أن المنفي بقوله: "فلا إعادة" إنما هو الإعادة الأبدية، وأما الإعادة في الوقت فثابتة إلا صلاته بمحجة طريق إذا صلى فيها لضيق ونحوه، فلا تندب إعادته، والصلاة بهذه المواطن الأربعة في حالة الشك مكروهة. قاله الشيخ إبراهيم. ومحل عدم الإعادة الأبدية فيها: إن لم تحقق النجاسة بها، وإلا أعيدت. وتحصل من هذا أن الصلاة بهذه المواطن الأربعة على ثلاثة أقسام: إن أمنت من النجس جازت الصلاة بها، وإن شك في نجاستها كرهت الصلاة بها، وأعاد في الوقت، خلافا لقول ابن حبيب: يعيد العامد والجاهل أبدا، والناسي في الوقت. ووجه الإعادة في الوقت في حالة الشك موافق لما تقدم أن من شك في طهارة البقعة ونجاستها يوجب له ذلك، إما نضحها اتفاقا، أو غسلها اتفاقا. قاله الشيخ عبد الباقي.


(١) البخاري، كتاب التيمم، رقم الحديث: ٣٣٥.