للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولم يقع ذلك منه صلى الله عليه وسلم، قال الشيخ زكريا: ولو وقع ذلك منه صلى الله عليه وسلم لكان ذلك من مصالح المسلمين، لأن ما كان مصلحة له صلى الله عليه وسلم فهو مصلحة لهم وهو كلام صحيح. اهـ. وقال عبد الباقي: لكغزو ودواب صدقة ودواب فقراء، وقال: قال - يعني الحطاب - وللشافعية يجوز الحمى لفقراء المسلمين دون أغنيائهم وللمسلمين دون أهل الذمة ولا يجوز العكس في المسألتين.

تنبيهات: الأول: قال في النهاية في معنى الحديث: (لا حمى إلا لله ولرسوله (١)) أنه صلى الله عليه وسلم نهى عما كانت تفعله الجاهلية، وأضاف الحمى لله ولرسوله أي إلا ما يحمى للخيل التي ترصد للجهاد والإبل التي يحمل عليها في سبيل الله. اهـ. وقال ابن عبد السلام في شرح ابن الحاجب لما ذكر الحديث تأوله الجمهور على معنى أنه لا ينبغي أن يُحمَى إلا كما حَمَى رسول الله صلى الله عليه وسلم لخيل المهاجرين، وشبه ذلك مثل ما فعله الخلفاء بعده حموا لإبل الغزاة. اهـ. وقال الجلال السيوطي في حاشية البخاري: قوله: (لا حمى إلا لله ولرسوله)، قال الشافعي: يحتمل معنيين أحدهما: لا حِمى إلا ما حماه صلى الله عليه وسلم، والثاني: لا حِمى إلا مثل ما حماه؛ فعلى الأول ليس لأحد من الولاة أن يحمي بعده، وعلى الثاني يختص بمن قام مقامه وهو الخليفة دون نوابه. اهـ. ومقتضى كلامه أنه يتفق على أنه ليس لنواب الإمام أن يحموا، وقال في فتح الباري: والأرجح عند الشافعية أن الحمى يختص بالخليفة، ومنهم من ألحق به ولاة الأقاليم. اهـ. وقوله في الحديث الشريف: لا حمى، بلا تنوين. وفي بعض الروايات بالتنوين، فتكون حينئذ لا بمعنى ليس، أي فتكون للاستغراق على الأول بخلاف الثاني، وقالت الشافعية: وينبغي للمولى إذا حمى أن يجعل للحمى حافظا يمنع أهل القوة من الرعي فيه ويأذن للضعيف والعاجز، فإن دَخَله أحد من أهل القوة ورعى منع ولا غرم عليه ولا تعزير، قال الحطاب: وهو ظاهر وكلام أهل المذهب يقتضيه، فقد قال المص في التوضيح وابن عبد السلام: (وقد صح أن عمر رضي الله عنه قال لِهُنَيٍّ حين ولاه على الحمى أدخل رب الصريمة والغنيمة


١ - البخاري، كتاب المساقاة، رقم الحديث ٢٣٧٠.