للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإياي ونعم ابن عوف وابن عفان). اهـ. إلا أن قولهم: لا تعزير، فيه نظر، والظاهر أن من بلغه النهي وتعدى بعد ذلك ورعى في الحمى فللإمام أن يعزره بالزجر والتهديد، فإن تكررت منه المخالفة فيعزره بالضرب، وقولهم: لا غرم عليه ظاهر لا شك فيه. والله أعلم. قاله الحطاب.

الثَّاني: هذا الذي ذكره ابن عبد السلام عن عمر رضي الله تعلى عنه هو ما رواه مالك رضي الله تعلى عنه في آخر جامع الموطإ في باب ما يتقى من دعوة المظلوم: عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه (استعمل مولى له يدعى هُنَيًّا على الحمى، فقال: يا هني اضمم جناحك عن الناس، واتق دعوة المظلوم فإن دعوة المظلوم مجابة، وأدخل رب الصريمة والغنيمة، وإياي ونعم ابن عوف وابن عفان فإنهما إن تهلك مواشيهما يرجعان إلى المدينة إلى زرع ونخل: وإن رب الصريمة والغنيمة إن تهلك ماشيته يأتيني ببنيه فيقول: يا أمير المؤمنين، أفتاركهم أنا لا أبا لك؟ فالماء والكلأ أيسر علي من المذهب والورق، وايم الله إنهم ليرون أني قد ظلمتهم، إنها لبلادهم ومياههم قاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الإسلام، والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت عليهم من بلادهم شبرا (١)). انتهى. وهذا الحديث رواه البخاري وهو ثابت في الموطإ موجودا في جميع نسخه، وهذا الحمى هو حمى الربذة بالتحريك والذال المعجمة على ثلاث مراحل من المدينة من جهة مكة، والصريمة مصغر صرمة بالكسر القطعة من الإبل، وقوله: يدعى هنيا بضم الهاء وفتح النون وتشديد الياء، قال النووي: هكذا ضبطه ابن ماكولا وغيره من أهل الإتقان، وكون ءاخره همزة خطأٌ ظاهر، روى هني عن أبي بكر وعمرو ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم، وقوله: اضمم جناحك، أي اكفف يدك عن ظلمهم في المال والبدن، والجناح اليد، قال تعلى: {اضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ}. وفي رواية البخاري: (اضمم جناحك عن المسلمين (٢) وقال أبو عمر: قوله: اضمم جناحك، يقول: لا تستطل على أحد لمكانك مني، وقوله: واتق دعوة المظلوم، كناية لطيفة عن النهي عن الظلم، وقوله: وأدخل رب الصريمة بهمزة قطع مفتوحة وكسر الخاء المعجمة، ومتعلق الإدخال محذوف، والمراد المرعى،


١ - الموطأ كتاب دعوة المظلوم، رقم الحديث ١٨٩٠.
٢ - وصحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، رقم الحديث ٣٠٥٩.