للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الثاني: قال الرهوني: قول بناني عن التوضيح: وقال يحيى بن يحيى لخ، صريح في أن قول يحيى جار في الماء المستخرج، وقد سلمه بناني كما سلمه الناصر في حواشي التوضيح وجسوس، وأصل ذلك لابن رشد وتعقبه غير واحد، وتعقب ذلك ابن عرفة بقوله: والماء في آنية لربه يختص به ويتعلق به حق المواساة، وما بأرض مملوكة إن كان باستخراج كحفر أصله فالمعروف كماء الآنية، ولم يجد الباجي وغيره فيه خلافا، وهو نصها في حريم البير والتجارة لأرض الحرب، وفي المقدمات: حمل جماعة من أهل العلم قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يمنع نقع بير) (ولا رهو ماء) على عمومه فقالوا: لا يحل بيع الماء ولا منعه بحال كان من بير أو غدير في أرض متملكة أو غيرها إلا أنه في المتملك أحق بقدر حاجته منه، وهو قول يحيى في العتبية: أربع لا يمنعن الماء والنار والحطب والكلأ، قلت: الأظهر أن لا خلاف في أن رب الماء المستخرج في أرضه أحق به كالماء في الآنية، وهو ظاهر قول عياض في الإكمال، ونقل الباجي واللخمي، وإياهم تبع ابن شأس وابن الحاجب، وأخْذُ ابنِ رشد خلافَه من قول يحيى المتقدم واتَباعُه ابن عبد السلام وابنُ هارون يُرَدُّ باحتمال حمله على المياه في الأرض الملوكة بنزول وتفجر فيها دون تسبب فيه بحفر، ونحوه ولذا قرنه بالنار والحطب والكلإ. اهـ. ورد الرهوني هذا التعقب وقوى ما قاله ابن رشد غاية. والله تعالى أعلم. فلا فرق بين ما تسبب فيه وغيره على ما ليحيى، ومثل ما في المقدمات في البيان، وزاد قولا ثالثا بعد أن ذكر أن المسرح يقسم، قال: فيجوز لمن أخذ نصيبه وأراد أن يقره مسرحا لماشيته أن يحميه من الناس ويبيع كلأه، قال يحيى: قد كرهه بعضهم، وأجازه بعضهم وقول الذي كرهه أعجب إليَّ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يمنع فضل الماء ليمنع به فضل الكلإ (١)). فقد نهى عن فضل الماء فكيف الكلأ؟ فلا أرى أن يبيعه ولا يمنعه. وقال ابن رشد: والحكم في الحطب كالحكم في الكلإ سواء على التفصيل الذي ذكرناه، وأما الماء فالكلام إنما هو في فضلته، فما كان في ملك الرجل منه فاختلف هل له أن يمنع فضلته من جاره فيما يريد من الابتداء بالانتفاع به أم لا؟ على ثلاثة أقوال، أحدها: أن له أن يمنعه إياها إلا بثمن يوجبه عليه


١ - البخاري، كتاب الحيل، رقم الحديث ٦٩٦٢.