للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وجد لها ثمنا عند سواه أو لم يجده وهو المشهور في المذهب، والثاني: ليس له أن يمنعه إياها إلا أن يجد لها ثمنا عند سواه، فإن لم يجد لها ثمنا عند سواه لم يكن له أن يحبسها عنه وهو لا يحتاج إليها، والقول الثالث: أنه ليس له أن يمنعه إياها بحال، ولا أن يأخذ فيها ثمنا من أحد، وهذا هو الذي ذهب إليه يحيى على ظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يمنع نقع بير (١)) ولا يمنع رهو ماء (٢)). وهذا كله في المعين أو البير التي تكون في أرض الرجل ولا ضرر عليه في الدخول إلي الاستقاء منها، وأما البير تكون في دار الرجل أو في حائطه الذي حظر عليه فله أن يمنع من الدخول عليه في ذلك، وأما النار فلا اختلاف أنه لا يجوز لأحد أن يمنع من الاقتباس منها إذا كان لا يضر به لنهيه عليه الصلاة والسلام، (عن الضرر والضرار (٣)). اهـ. وقال اللخمي: وأما الماء يكون في الأرض المملوكة فعلى ثلاثة أوجه، أحدها: أن يجتمع فيها منها ولم يدخل إليها من غيرها. والثاني: أن يصير إليها من غيرها. والثالث: أن يرده إليه، فإن اجتمع فيها منها كان صاحبه أحق بما تحتاجه أرضه، وإن كان أكثر من الكعبين، فإن فضل منها وكانت له أرض أخرى كان له أن يخرجه إليها ولا مقال لمن أرضه أسفل منه، فإن لم يكن له أرض أخرى كان للأسفل بغير ثمن بخلاف الكلإ، لأن هذا إن أمسك فضل الماء فسد ما فيها من الزرع، وإن لم يكن له زرع فهو يرسله إذا أراد الزرع فلم يكن له أن يأخذ ثمنا، وجعل ابن سحنون الجواب في السيل يدخل أرض رجل مثل ذلك. اهـ. وقال ابن عرفة بعد نقله كلام اللخمي ما نصه: عزاه الباجي لسحنون لا لابنه. انتهى.

الثالث: قد مر عن ابن رشد أن له منع الفضلة على المشهور وإن لم يجد لها ثمنا على المشهور، قال الرهوني: وهو مشكل مع ما نقله عنه الحطاب، وأبو علي من أن من قرب من الماء له أن ينتفع بالفضلة دون ثمن اتفاقا إن لم يجد لها ثمنا، وعلى اختلاف إن وجد لها ثمنا، ومشكل مع ما في المعيار، وأما الانتفاع بالشرب والوضوء منه والاستقاء منه وغسل الأثواب من هذا الماء إن


١ - الموطا، كتاب الأقضية، رقم الحديث ٣٠.
٢ - مسند أحمد، ج ٦ ص، بلفظ: لا يمنع نقع ماء ولا رهو بير.
٣ - الموطأ، كتاب الأقضية، رقم الحديث ٣١.