والأول هو المشهور، وإن أراد أن ينتفع به في سقي شجر ونحوه كأن تقدم له سقيه بها قبل وعليه أنشاها فإن كان ابتداء غرسه عليه بلا علم من صاحب الماء فله الانتفاع بها بلا ثمن، ويوجل له [إلى (١)] أن يحفر بيرا أو يستنبط عينا إن لم يجد لها ثمنا عند غيره، وإلا فله منعه منه إلا بثمن، وهو أحق بها بما أعْطِيَ فيها قبل نفوذ البيع فيها لغيره، وإلا فلا كلام له، وإن كان يعلم صاحبه به وسكت أولا فهو أحق بها بلا ثمن مطلقا لكن يوجل كالذي قبله، وإن صرح له بالإذن فإن كان على وجه الهبة أو الصدقة أو نحوهما من أوجه التمليك جرى على حكم ذلك، أو بالعارية المقيدة أو المطلقة فكذلك، وإن احتمل الأمر حمل على العارية بعد يمينه، وأما الانتفاع
بالشرب والوضوء وغسل الثياب فليس له المنع من ذلك قولا واحدا. اهـ المراد منه.
كفضل بير ماشية بصحراء، تشبيه في الجبر، والمعنى أن من حفر بيرا للماشية في الصحراء وفضل من مائها فضلة فليس له أن يمنع ذلك الفضل ممن طلبه ويجبر على بذله له بلا ثمن، وهو مراده بقوله: هدرا، لأنه لا يجوز له بيعه ولا هبته ولا يورث عنه، وهذا أي محل وجوب بذله له هدرا إن لم يبين، حين حفرها الملكية، وأما إن بين حين حفرها الملكية فله حينئذ أن يمنع الناس منها، قال الخرشي: والمعنى أن من حفر بيرا في البادية في غير ملكه لماشية وفضل منها فضلة فليس له أن يمنع ذلك ممن طلبه أو أراده ويأخذه بلا ثمن، وهو مراده بالهدر، ولا يجوز له بيعه ولا هبته، ولا يورث عنه، هذا حيث لم يبين الملكية، فإن بينها فله حينئذ أن يمنع الناس منها، ومعنى بيان الملكية أن يقيم بينة تشهد له أنه بناها لنفسه، فقوله: كفضل بير ماشية لخ، مشبه بقوله: وأجبر أي كما يجبر على دفع فضل بير الماشية إذا بنيت بصحراء في أرض موات لا في غيرها ومثل بير الماشية بير الشفة وهي التي يستقي الناس منها، وإنما كان فضل بير الزرع لصاحبه منعه وبيعه بخلاف فضل بير الماشية حيث لم يبين الملكية فإنه ليس له منعها ولا بيعها، لأن حافر بير الماشية نيته في حفرها أن يكون له قدر كفايته، وأما حافر بير الزرع فنيته أن يكون له جميع ما فيها، ولا منافاة بين ما هنا وما تقدم من أن حفر بير الماشية لا يكون إحياء