لتلك الأرض، وأن البير نفسها لا يمنع أحد من فضلها إن لم يبين الملكية، فإن بيَّنها فله المنع، وهذا الكلام صحيح في نفسه: إلا أن الشيخ أبا الحسن عارض بين الموضعين، وأجاب بما حاصله: أن الأول لم يبين الملكية فلا يكون إحياء، والثاني بيَّن فيه الملكية بأن يشهد عند الحفر أنها ملكه. اهـ كلام الخرشي. وقال عبد الباقي: وشبه تشبيها ناقصا في الجبر بدون الشروط السابقة وبدون اضطرار في أخذه لغير ذي زرع، ولذا لم يعطف بالواو، وقوله: كفضل أي كبذل فضل بير ماشية أو شفة بصحراء بذلا هدرا أي بلا ثمن ولو مع وجوده، وليس له منعه مع فضله عن حاجته كما أشار له بقوله: كفضل ولا يجوز له بيعه ولا هبته ولا يورث عنه، هذا كله إن لم يبين حين حفرها الملكية لعدم الإحياء به حينئذ، ولأن نيته أخذ كفايته فقط، فإن بينها بأن أشهد عند الحفر أنها له لم يجب بذلها بدون ثمن لاختصاصه بها حينئذ لأنه إحياء. اهـ. وقال الشبراخيتي: كفضل ماء بير ماشية حفرها بصحراء في أرض موات فإنه يجبر على دفع فضل مائها هدرا لأنه لا يجوز له بيعه ولا هبته ولا يورث عنه، وشرط في قوله: هدرا قوله: إن لم يبين الملكية فإن بينها فله المنع، ويحصل تبيين الملكية بأن يشهد عند الحفر أنها لنفسه أو أنها ملكه، ومثل بير الماشية بير الشفة وهي التي يستقي الناس منها، وتقدم مفهوم بصحراء وهو حفرها بملكه، ولا منافاة بين ما هنا وبين ما تقدم من أن حفر بير الماشية لا يكون إحياء، لأن ما تقدم حيث لم يبين الملكية، وما هنا حيث بين الملكية فيكون إحياء، كما أجاب به الشيخ أبو الحسن، أو أن حفر بير الماشية لا يكون إحياء لتلك الأرض، وأن البير نفسها لا يمنع أحد فضلها إن لم يبين الملكية فإن بينها فله المنع، أو أن ما هنا حيث أشهد على الملكية، وما تقدم حيث ادعى ذلك فقط. اهـ. وقال بناني عند قوله: إن لم يبين الملكية: قال في المقدمات: ولو أشهد عند حفره إياها أنه إنما يحفرها لنفسه لوجب أن لا يمنع من بيع مائها وأن يستحقها ملكا بالإحياء على حكم إحياء الموات، قال في المدونة: أكره بيع ماء بير الماشية، وقال في المجموعة: لا يجوز ذلك، فقيل: إنه اختلاف من القول، والصحيح أن ذلك إنما يعود إلى الفرق بين أن يحفرها على وجه الصدقة أو على غير وجه الصدقة. انتهى. وقال المواق: سمع القرينان: لا تباع مياه المواشي، ولا تمنع من أحد، ولا يصلح فيها عطاء. ابن رشد: مياه المواشي هي الآبار