يسوقه الله تعالى إلى من يشاء، وقد قال الله تعالى:{وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا}. يريد المطر، فإذا صرفه الله تعالى إلى قوم فلا ينبغي لأحد أن يقطعه دونهم إلا أن يكون ذلك الماء وقع بأرضهم فهم أولى به حتى يسقوا ما عندهم، فأما أن ينقلوه من مكان بعيد فيصرفوه إليهم دون من هو أقرب إليه منهم فلا. قال ابن رشد: هذه مسألة صحيحة بينة، والأصل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في سيل مهزور ومذينيب: يسقي الأعلى إلى الكعبين ثم يرسل الأعلى على الأسفل؛ لأنهما واديان من أودية المدينة يسيلان بالمطر. اهـ. وفي القاموس: والمذنب كمنبر المغرفة، ومسيل الماء إلى الأرض، ومسيل في الحضيض، والجدول يسيل عن الروضة بمائها إلى غيرها. اهـ. وقد مر مفهوم قول المص: إن تقدم، وهو أنه إن تقدم إحياء الأسفل أي الأبعد يكون الأسفل أحق بالماء فيسقي للكعب ثم يرسل للأعلى، وهذا هو المشهور كما مر، وقال ابن عرفة: في شرط تقديم الأسفل على الأعلى بمجرد تقدم إحيائه على الأعلى، أو مع خوف هلاك زرعه: ثالثها: مع انفراده بالانتفاع بالماء، لنقل ابن الحاجب مع ظاهر سماع أصبغ ابنَ القاسم، وقول سحنون، وتفسير أصبغ قول ابن القاسم. اهـ.
وأمر بالتسوية، يعني أن صاحب الأعلى يومر بالتسوية الممكنة لأرض حائطه التي بعضها أعلى من بعض، وليس له حبسها للكعب من غير تسويتها، وقوله: وأمر بالتسوية أي قضي عليه بها، قال عبد الباقي: وأمر صاحب الأعلى أي قضي عليه بالتسوية الممكنة لأرض حائطه التي بعضها أعلى من بعض، وليس له حبسها للكعب من غير تسويتها. وإلا يمكنه تسويتها لتعذرها وكان السقي في الأعلى لا يبلغ الكعبين حتى يكون في الأسفل أكثر من الكعبين.
فكحائطين، أي فالأعلى والأسفل كحائطين، والحكم في الحائطين أنه يسقى كل منهما على حدته حتى يبلغ كل منهما الكعبين ثم يرسل الماء للأسفل، فكذلك هنا تسقى الجهة العليا على حدتها للكعب، وتسقى الجهة السفلى على حدتها للكعب، فيصير هذا الحائط الذي هو غير