للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

متساو كحائطين، فقوله: وإلَّا، راجع لصفة مقدرة بعد التسوية، أي التسوية الممكنة، أي وإن لم تمكن التسوية، ولم يصرح المص بهذه الصفة لأنه لا يومر بها إلا وهي ممكنة.

تنبيه: قد مر أن الأصل في هذه المسألة أعني قوله: وإن سال مطر بمباح، الحديث الذي قدمته، قال التتائي: وأصل هذه المسألة خبر الموطأ: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في سيل مهزور ومذينيب: يمسكه حتى الكعبين ثم يرسل الأعلى على الأسفل (١)). أبو عمر: هما واديان بالمدينة شتويان يسيلان بالمطر يتنافس أهل المدينة في سيلهما، وفي الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام قال للزبير لما أتاه مخاصما لغيره: (اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك، فغضب الأنصاري، فقال يا رسول الله: أن كان ابنَ عَمتك، فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: يا زبير اسق ثم احبس الماء حتى يبلغ الجدر (٢)، قال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}. الأزهري: نظرنا في قوله صلى الله عليه وسلم: احبس الماء حتى يبلغ الجدر فكان إلى الكعبين). قال الأئمة: وكان صلى الله عليه وسلم ندب الزبير إلى إسقاط بعض حقه رعيا للمجاورة، فلما تكلم الرجل بذلك الكلام استوفى للزبير حقه. اهـ.

وقسم للمتقابلين، هذا مفهوم قوله: وإن سال مطر بمباح سقي الأعلى إن تقدم، يعني أن الجنان إذا كانت متقابلة بالنسبة إلى الماء الذي سال بمباح أي ليس أحدهما أقرب إلى الماء من الآخر ولا تقدم إحياء بعضها عن بعض فإن الماء يقسم بينهم ولا يتقدم أحد منهم على غيره بل هم فيه سواء، قال سحنون: فإن كان الجنانان متقابلين فيما حكمه أن يكون للأعلى فالأعلى قسم الماء بينهم، وإن كان الأسفل مقابلا لبعض الأعلى حكم لما كان أعلى بحكم الأعلى ولمقابل الأسفل بحكم الأسفل. اهـ. قوله: فالأعلى عطف على الأعلى، وقسم جواب الشرط، وقوله: وقسم للمتقابلين، أي في الجهة، قال الأمير: وقسم بالتسوية. اهـ. أي لا على المساحة. والله تعالى


١ - الموطأ، كتاب الأقضية، رقم الحديث ٢٨.
٢ - البخاري، كتاب الصلح، رقم الحديث ٢٧٠٨.