للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عرفة: وما زاده حسن لأنهما ماليان، وكذا الحبس لا تصح هبته. اهـ. وقال عبد الباقي: وكره القرطبي دعاء الله بتصدق علينا لإشعار الصدقة بقصد فاعلها ثواب الآخرة ويرده خبر: (صدقة تصدق الله عليكم بها فاقبلوا صدقته (١)) وعلم مما قررت أنه ليس الراد بالنقل هنا النقل الحسي. وأشار إلى الركن الثاني وهو: الواهب بقوله:

ممن له تبرع بها، أي بالهبة والمجرور متعلق بقوله صحت ومعنى كلامه أن الهبة إنما تصح ممن له التبرع بها وهو من لا حجر عليه بوجه، فلا تصح هبة الصغير والسفيه والمجنون وأما هبة الزوجة والمريض في زائد الثلث ومن أحاط الدين بماله فصحيحة موقوفة على الإجازة كما في الشبراخيتي، وذكر المص هنا الواهب وأسقط الموهوب له، ويشترط فيه أن يكون أهلا للتملك، وأسقط الواقف، فما أسقطه هنا يؤخذ مما ذكره هناك، كما أنه يؤخذ ما أسقطه هناك مما ذكره هنا، فإن البابين واحد بل سائر أبواب التبرعات كذلك، فيشترط في التبرع أن يكون ممن يصح تبرعه، وفي المتبرع عليه أن يكون من أهل التملك. واعلم أن الهبة تطلق على الإعطاء المذكور وعلى الشيء الموهوب، والله سبحانه أعلم. وقال المواق: ابن شأس: الواهب من له التبرع. ابن عرفة: العامي يعرف الهبة ولا يعرف التبرع وهي أعرف من التبرع، والأولى الواهب من لا حجر عليه بوجه، فيخرج من أحاط الدين بماله. اهـ.

قال مقيده عفا الله عنه: يظهر أن الصحة هنا بمعنى اللزوم والمضي، وحينئذ يندفع البحث الذي قدمته عن الشبراخيتي. والله تعلى أعلم. وقال الرهوني: يشمل قولهم: ممن له تبرع بها، المالك وغيره كالخازن والزوجة إذا أذن لهما بالنص أو بالعادة، ففي صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الخازن المسلم الأمين الذي ينفد وربما قال: يعطي ما أمر به فيعطيه كاملا موفرا طيبة به نفسه فيدفعه للذي أمر له به أحدُ المتصدقين (٢)) وفيه عن عائشة رضي الله تعلى عنها أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجره بما كسب، وللخازن


١ - مسلم، كتاب صلاة المسافرين، رقم الحديث ٦٨٦.
٢ - مسلم، كتاب الزكاة، رقم الحديث ١٠٢٣