للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مثل ذلك لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئا (١)). ومثله في صحيح البخاري (٢). قال الأبي: قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الأول: (فيعطي ما أمر به) عياض شرط في هذا الطريق إذن رب المال ولم يشترط ذلك في الطريق الثاني فيه ولا في المرأة والعبد، ويجمع بين الطريقين بأن تكون هذه في الكثير الذي لا يسمح به والثانية في القليل الذي جرت العادة في قيام الزوجة والعبد والخازن في غيبة صاحب المنزل بإعطاء مثله للقاصد والسائل والضيف، وأن قدر ما يعطون في ذلك كالمأذون فيه، ولذلك قال في الحديث في الزوجة: غيرَ مفسدة، وجعل لكل واحد أجرا: صاحب المنزل بما خرج من ماله، ولهؤلاء أجر سعيهم، هذا الحديث في الخازن الذي ليس له أن يتصرف، وها الذي نقل عن عياض هو التحقيق دون من قال: إن للزوجة والعبد ذلك دون إذن الزوج والسيد لتعدد الأدلة الواضحة على أنه (لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس)، ويشهد لما قاله عياض حديث الصحيحين وغيرهما من قوله صلى الله عليه لهند بنت عتبة حين قالت له: إن أبا سفيان رجل شحيح لخ: (خذي ما يكفيك وولدَكِ بالمعروف). فإنه صلى الله عليه وسلم لم يبح لها أن تأخذ من مال زوجها إلا القدر الواجب على أبي سفيان لها ولولدها مع أنها أرادت أخذ ذلك لنفسها ولولدها فكيف يسوغ لها دَفع ماله لأجنبي، على أنه في الحديث الثاني إشعارٌ ما بتقييد صدقة الزوجة بالقليل الذي تسمح النفوس به وجرت العادة بمثله، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (من طعام زوجها). فعُدُولُه صلى الله عليه وسلم عن قوله: من ماله الشامل للدراهم والدنانير والثياب ونحو ذلك إلى الطعام يفيد ما قلناه، وقد يقع في بعض الأحيان جواز إعطاء الكثير كما إذا عرضت حاجة لمسكين والمالك غائب وانتظاره يفوت قضاء تلك الحاجة. وقد علم من حال المالك أنه يحب إنفاذ ذلك لو حضر ويرغب في تحصيله ويكره فواته. فتأمله. والله أعلم. وإن مجهولا، مبالغة في قوله: وصحت في كل مملوك ينقل، يعني أن المجهول تصح هبته. قال المواق: حكى محمد الإجماع على جواز هبة المجهول. ومن المدونة: ومن وهب موروثه وهو لا يدري كم هو جاز والغرر في الهبة لغير الثواب يجوز. وقال عبد الباقي: وبالغ على صحة هبة


١ - مسلم، كتاب الزكاة، رقم الحديث ١٠٢٤
٢ - البخاري، كتاب الزكاة، رقم الحديث ١٤٢٥