مسألة: وسئل عن قول عمر بن الخطاب: من أخذ ضالة فهو ضال، ما يريد بقوله؟ قال: يقول: هو مخطئ فلا يأخذها يرى أن يتركها، وإنما يعني بذلك الإبل وليس يقول أحد ضل غلامي وإنما يقال الضالة للإبل، وقد قال ابن شهاب: كانت ضوال الإبل في زمن عمر إبلا مؤبلة. انتهى من البيان. ومن كتاب الأقضية الثاني: وسئل عن الرجل يجد الضالة فتنتج عنده أيجوز له أن يأكل من نتاجها شيئا أو يأكل من ألبانها؟ فقال: أما نتاجها فلا يأكل منه شيئا، وأما ألبانها فعسى أن يأكل منها، فقيل له: كيف يصنع بها؟ فقال: إذا بلغ الذي عليه فيها فليتصدق بها، قيل له: فلا يحبس لنفسه منها شيئا؟ فقال: نعم، لا يحبس لنفسه منها شيئا، ولكن يتصدق بها، قيل له: فإن جاء صاحبها لم يغرم من ثمنها شيئا؟ فقال: لا، لأن المواشِيَ في مثل هذا ليست كالدنانير والدراهم، المواشي تأكل فلا يقدر على حبسها لعلفها فإذا تصدق بثمنها ثم جاء طالبها لم أر عليه شيئا، قال: وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لمن أخذها: خلها حيث وجدتها، وأول من أمر ببيعها عثمان بن عفان، قال: تباع وقد عرف صفاتها ثم توقف أثمانها، فإن جاء طالبها أعطيَ ثمنها، فقال الذين يعذرون عثمان فيما أمر به من بيعها: إنه أمر ببيعها لأن الناس سرقوها وذهبوا بها، فلذلك أمر عثمان ببيعها. قال محمد بن رشد: حكم نتاج الضالة حكم أمهاتها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل ذات رحم فولدها بمنزلتها) فلذلك قال: ليس له أن يأكل من نتاجها شيئا على وجه الاقتطاع، وأما أكله منها على وجه السلف بعد بلوغ ما عليه من التعريف بها فعلى ما ذكرناه في الرسم الذي قبل هذا من الاختلاف في أمهاتها إذ لا فرق بينها وبين نتاجها، وأما ألبانها فخفف أن يأكل منها يريد بقدر قيامه عليها. والله أعلم. لأنه يتنزل في ذلك منزلة الوصي في مال يتيمه، وقد قال ابن عباس في ذلك: إن كنت تبغي ضالة إبله وتهنأ جرباها وتَلُوط وتسقيها يوم ورودها فاشرب غير مضر بنسل ولا ناهك في الحلب، وأما الزائد على ذلك فإن كان له قدر يَشِحُّ به صاحبه فحكمه حكم اللقطة نفسها، وإن كان يسيرا لا قدر له ويعلم أن صاحبه لا يشح به فله أن يأكله، وقوله: إنه لا شيء لصاحبها إن تصدق بها خلاف قوله في الرسم قبل هذا.