رواية محمد، وذلك أن الباجيَّ قال: فإن لم يكن بيت مال ينفق عليه منه فروى محمد على ملتقطه حتى يبلغ ويستغني، وقال ابن الحاجب: فإن تعذر فعلى الملتقط حتى يبلغ أو يستغني. انتهى. فعطف بأو خلاف ما في الرواية من عطفه بالواو، وجزم في التوضيح بما في الرواية معترضا على ابن الحاجب، وتبعه في الشامل، وقال ابن عبد السلام: ما في الرواية من عطفه بالواو يوهم أن يكون في النفقة عليه كالولد تستمر إلى بلوغ الولد صحيحا أو دخول زوج الأنثى بها، وما أظنه يريد مثل هذا انتهى واعترضه ابن عرفة بأنه يقتضي أنه تنقطع نفقته بالبلوغ وإن لم يستغن، وظاهر الرواية خلاف ذلك وهو مقتضى المدونة وغيرها. انتهى. وقال الحطاب: لم يتعرض المص لمنتهى النفقة، وقال ابن الحاجب: فإن تعذر فعلى ملتقطه حتى يبلغ أو يستغني. قال ابن عبد السلام: يعني فإن تعذر الإنفاق عليه من شيء من الوجوه المقدمة وجبت نفقته على ملتقطه إما بمقتضى العادة لأن العادة تدل على مثل هذا، وإما لأنه أولى الناس به ويستمر إنفاقه عليه إلى البلوغ أو يستغني قبل ذلك، على أن الباجيَّ وغيره ممن نقل هذا الفرع من كتاب محمد إنما عطف يستغني على ما [قبله (١)] بالواو وذلك يوهم أن يكون حكمه في النفقة حينئذ كحكم الولد تستمر النفقة عليه إلى أن يبلغ الذكر صحيحا أو تتزوج الأنثى ويدخل بها زوجها، وما أظنه يريد مثل هذا. انتهى. وقال الخرشي: وحضانته ونفقته يعني أن حضانة الطفل المنبوذ ونفقته واجبتان على من التقطه حتى يبلغ ويستغني ولا رجوع له عليه، لأنه بالتقاطه ألزم نفسه ذلك. انتهى. وقال التتائي: ووجبت حضانته على ملتقطه لالتزامه ذلك بأخذه ولو جاز له تركه المودي إلى ضياعه لخرج من ضياع لمثله وكذا تجب نفقته حتى يبلغ ويستغني. انتهى. وإنما وجب لقط الطفل وحضانته ونفقته لوجوب حفظ النفوس وإن خيف عليه وجب لقطه عينا كما قاله غير واحد. والله سبحانه أعلم.
إن لم يعط من الفيء، يعني أن محل الوجوب عينا إن لم يعط هذا المنبوذ من الفيء أي بيت المال بأن لم يكن بيت مال ينفق عليه منه، وأما إن كان بيت مال ينفق عليه منه فهو واجب على
(١) في الأصل قاله والمثبت من الحطاب ج ٦ ص ٢٨٦ ط دار الرضوان.