ولما أنهى الكلام على اللقيط شرع في الكلام على أحكام الآبق، فقال: وندب أخذ آبق لمن يعرف يعني أنه يندب لمن يَعْرِفُ مَالكَ الآبق أن يأخذه ليعرفه لربه حفظا للمال، فقوله: لمن يعرف متعلق بندب، ومفعوله محذوف أي مالكه، قال التتائي: وندب أخذ آبق لمن يعرف ربه قريبا أو جارا أو غيره، ويعرف ثلاثي أي مضارع عرف بالتخفيف. وإلا يعرف ربه فلا يأخذه، أي يكره له أخذه إن لم يعرف ربه، قال المواق: من المدونة قال ملك: ومن وجد آبقا فلا يأخذه إلا أن يكون لقريبه أو جاره أو لمن يعرفه فأحب إلي أن يأخذه، قال ابن القاسم: فإن لم يأخذه أيضا فهو في سعة. انتهى. وقال عبد الباقي: ومحل الندب يعني قوله: وندب أخذ آبق لخ، إذا لم يخش ضياعه وإلا وجب حفظا لمال الغير. انتهى. وقال الشبراخيتي: ووقع في بعض التقارير أن محل ندبه حيث لم يخف الخائن ولم يعلم خيانة نفسه، فإن خاف الخائن وعلم أمانة نفسه وجب، وإن علم خيانة نفسه حرم الأخذ، والآبق هو الذاهب خفية بغير سبب، والهارب هو الذي يذهب خفية أيضا لكن بسبب، كذا فرق بينهما ابن حجر العسقلاني. انتهى. وقال عبد الباقي: وندب آخذ آبق لخ، وإنما أخذه لأنه يخبر ربه من غير إنشاد وتعريف إذ الإنشاد يخشى منه أن يصل إلى علم السلطان فيأخذه. وقال الشبراخيتي: وإلا بأن لم يعرف ربه فلا يأخُذْه نهي وهو محتمل للحرمة والكراهة، والمراد الثاني أي يكره له أخذه البساطي: ما لم يخش هلاكه. انتهى. وقال الشبراخيتي: وندب أخذ آبق وهو كما قال ابن عرفة: حيوان ناطق وجد بغير حرز محترم. قال شارحه: وتأمل حده للآبق فإنه صادق على اللقيط فهو غير مانع. انتهى. قلت: فلو زاد في الحد رقيق غير صغير لسلم من هذا، إذ الرقيق الصغير لقطة لا آبق، واللقيط والحر ولو صغيرا ليسا بلقطة ولا آبق، وقال الحطاب: قال اللخمي: أما إذا كان على الأميال اليسيرة من الموضع الذي أبق منه فلا سعة في تركه إذا لم يخف منه. الشيخ: لأن تركه تلف. انتهى.
فإن أخذه رفع للإمام، مفرع على قوله: وإلا فلا يأخذه، يعني أنه إذا لم يعرف رب الآبق فإنه يكره له أخذه كما عرفت، فإن فعل الأمر المكروه بأن أخذه وهو لا يعرف ربه فإنه يرفعه إلى