للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السادس: اعلم أن أكثر المولفين بالغوا من التحذير من الدخول في ولاية القضاء، وشددوا في كراهة السعي فيها، ورغبوا في الإعراض عنها والنفور والهروب منها، وفي الجامع الصغير: (عجَّ حجر إلى الله تعالى فقال: إلهي وسيدي عبدتك كذا وكذا سنة ثم جعلتني في أسِّ كنيف، فقال: أو ما ترضى أن عدلت بك عن مجلس القضاء (١)). قال مقيد هذا الشرح عفا الله عنه: تأمل هذا الحديث الشريف حيث منَّ على هذا الحجر بالعدول عن مجلس القضاة إلى الكنيف القذر المستبشع الخبيث الرائحة الكريه المنظر الذي يكاد تزهق معه الروح لخبثه وقذارته ونفور النفوس منه، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وقال الزقاق بعد أن ذكر فصل القضاء:

ولكن حِذارًا يا عليما بشرعة … توقاه واحذر واهرب إن كنت مبتلى

تأمل حديث القاضيين وثالثا … وقول رسول الله يحيا مُغَلَّلا

وقوله في ذبح بلا مدية وآ … ية الجن فيمن جار تكفي لتعدلا

ويروى بتفضيل عُتُوّ وبغضه … وبعد بمن قد جار إياك والبلا

قوله حذارا بكسر الحاء منونة أي احذر، ومفعول توقاه للقضاء وحقه أن يحذف ألفه، واهرب أي منه، وقوله: وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، عطف على حديث، وكذا قوله: وقوله في ذبح وآية وفي من جار حال، وتكفي جواب تأمل، ومعنى كفاية الأحاديث والآية المذكورة معها أنه تكفي عن غيرها من الأحاديث والآي الواردة في وعيد من جار ولم يعدل، ويحتمل أنما تكون آية الجن مبتدأ ومضاف إليه وجملة تكفي خبره وفيمن جار يتعلق بتكفي، وقوله: لتعدلا يتعلق بتأمل. وقوله: بتفضيل أي بصيغته وباء بمن قد جار ظرفية تتعلق بيروى، وكذا بتفضيل يتعلق


(١) الجامع الصغير، رقم الحديث ٥٣٩٦.