للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حكموا حكمهم لأنفسهم وقال صلى الله عليه وسلم: المقسطون على منابر من نور يوم القيامة على يمين الرحمن وكلتا يديه يمين. وقال عبد الله بن مسعود: لأن أقضي يوما أفضل من عبادة سبعين سنة. فلذلك كان العدل بين الناس أفضل أعمال البر وأعلى درجات الأجر.

السابع: اعلم أن حكم القضاء الوجوب كفاية، ولا خلاف بين الأمة أن القيام بالقضاء واجب، ولا يتعين على أحد إلا أن [لا (١)] يوجد منه عوض، وقد اجتمعت فيه شرائط القضاء فيجب عليه. ابن المناصف: ويجب على من ولي القضاء أن يعالج نفسه ويجتهد في مصالح نفسه وبذل حاله ويكون ذلك من أهم ما يجعله من باله، فيحمل نفسه على آداب الشرع، وحفظ المروءة، وعلو الهمة، ويتوقى ما يشينه في دينه ومروءته وعقله ويحطه في منصبه وهمته، فإنه أهل لأن ينظر إليه ويعتنى به، وليس يسعه في ذلك ما يسع غيره، وفي التبصرة: أنه قد تقرر في ذهن كثير من الفقهاء والصلحاء أن من ولي القضاء فقد سهل عليه دينه وألقى بيده إلى التهلكة، وهذا غلط فاحش تجب التوبة منه، إلى أن قال واعلم أن كل ما جاء من الأحاديث التي فيها تخويف ووعيد فإنما هو في حق قضاة الجور من العلماء وفي حق الجهال الذين يدخلون أنفسهم في هذا المنصب بغير علم. انتهى. وقوله: غلط فاحش، قال الشيخ ميارة ليس هو غلطا وإنما هو نظر للغالب الذي هو كالمحقق، فإن الطبيعة البشرية واحدة، وما جاز على المثل يجوز على مماثله، والعيب يحدث لمن لم يكن فيه، والنفس مجبولة على حب الدنيا والإمارة والميل للنفس والأقارب والأصحاب، فالتحذير من القضاء من باب سد الذرائع وتقديم درء المفاسد على جلب الصالح، ومن باب قول القائل:

إن السلامة من سلمى وجارتها … أن لا تمر بواد حول واديها


(١) ساقط من الأصل والمثبت من التبصرة ج ١ ص ٩.