ولم يأمر بالقيام عليهم ولا بالخروج عنهم، بل أمر أن تؤدى إليهم حقوقهم ويسأل الإنسان حقه من الله تعالى، وزاد الشيخ السنوسي أن يكون مقتدرا على إنفاذ حكمه، فإن قيل: يلزم سقوط إمامة عثمان رضي الله تعالى عنه حين حصره، أجاب الآمدي: بأنا لا نسلم عدم قدرته بل كانا أمره نافذا شرقا وغربا، وإنما هاش عليه رجال أوباش فقصد المسلم وترك الفتنة. انتهى. وعد بعضهم في الشروط كونه ذا كفاية يقدر بها على تجهيز العساكر، وإقامة الحدود، والذب عن بيضة الإسلام، واشتراط كونه قرشيا هو مذهب أهل السنة، وخالف في ذلك الخوارج وبعض المعتزلة، قال المازري: غلا بعضهم فقال: لو استوى قرشي وقبطي في شروط الإمامة ترجح القبطي الأنه أقرب لعدم الظلم والجور، واحتج أصحابنا بإجماع الصحابة والأحاديث.
الثاني: اعلم أن الإمامة تنعقد بوجهين، اختيار أحل الحل والعقد، والثاني بعهد الإمام من قبل، واختلف العلماء في عدد من تنعقد بهم الإمامة، فقالت طائفة: أقل من تنعقد بهم الإمامة خمسة يجتمعون على عقدها أو يعقدها أحدهم برضى الأربعة استدلالا بأمرين، أحدهما: أن بيعة أبي بكر انعقدت بخمسة اجتمعت عليها ثم تابعهم الناس فيها وهم عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح، وأسيد بن حضير، وبشر بن سعد، وسالم مولى أبي حذيفة. والثاني أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه جعل الشورى في ستة تنعقد لأحدهم برضى الخمسة، وهذا قول أكثر الفقهاء والمتكلمين من أهل البصرة، وقال آخرون من علماء الكوفة: تنعقد بثلاثة يتولاها أحدهم برضى الاثنين ليكونوا حاكما وشاهدين، كما يصح عقد النكاح بولي وشاهدين، وقالت طائفة: لا تنعقد إلا بإجماع جمهور أهل الحل والعقد من كل بلد ليكون الرضى به عاما والتسليم لإمامته إجماعا، وهذا مذهب مدفوع لبيعة أبي بكر رضي الله عنه على الخلافة باختيار من حضرها ولم ينتظر بها قدوم غائب عنها، وإذا اجتمع أهل الحل والعقد للاختيار تصفحوا أحوال أهل الإمامة الموجود فيهم شروطها، فإذا تعين لهم من بين الجماعة من أداهم الاجتهاد إلى اختياره عرضوها عليه، فإذا أجاب إليها بايعوه عليها وانعقدت بينهم الإمامة، ولزم كافة الأمة الدُّخول في بيعته والانقياد في طاعته، وإن امتنع من الإمامة ولم يُجب إليها لم يجبر عليها لأنه عقد مراضاة