فسد العقد واستؤنف العقد لأحدهما أو لغيرهما، وإن تقدمت بيعة أحدهما وأشكل المتقدم منهما وقف أمرهما على الكشف، فإن تنازعاها وادعى كل واحد منهعا أنه أسبق لم تسمع دعواه ولم يحلف عليها، ولو سلم أحدهما إلى الآخر لم تسمع إمامته إلا ببينة تشهد بتقدمه، فإن أقر أحدهما لصاحبه بالتقدم وشهد مع شاهد آخر سمعت شهادته إن ذكر اشتباه الأمر عليه عند التنازع ولم تسمع منه إن لم يذكر الاشتباه لا في القولين من التكاذب، وإذا لم تقم بينة لأحدهما لم يقرع بينهما ويستأنف أهل الاختيار عقدها لأحدهما، فلو أرادوا العدولَ بها إلى غيرهما فقيل: بجوازه لخروجهما منها، وقيل: لا يجوز لأن البيعة لهما قد صرفت الإمامة عمن عداهما، ولأن الاشتباه لا يمنع ثبوتها في أحدهما، وانعقاد الإمامة بعهد من قبله مما انعقد الإجماع على جوازه ووقع الاتفاق على صحته لأمرين، أحدهما: أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه عهد بها إلى عمر رضي الله عنه فأثبت المسلمون إمامته بعهده، والثاني أن عمر عهد بها إلى أهل الشورى فقبلت الجماعة دخولهم فيها وهم أعيان العصر، وإذا أراد الإمام أن يعهد بها فعليه أن يجتهد رأيه في الأحق بها والأقوم لشروطها، فإذا تعين الاجتهاد في واحد نظر فيه فإن لم يكن ولدا أو والدا جاز أن ينفرد بعقد البيعة له، فإن كان ولدا أو والدا ففيه ثلاثة مذاهب، أحدها: لا يجوز أن ينفرد بعقدها لولد ولا لوالد حتى يشاور فيها أهل الاختيار فيرونه أهلا لها فيصح منه حينئذ عقد البيعة، والمذهب الثاني يجوز أن ينفرد بعقدها لولد ووالد، والمذهب الثالث يجوز أن ينفرد بعقد البيعة للوالد لا للولد، فأما عقدها لأخيه ومن قاربه من عصبته فكعقدها للأباعد الأجانب في جواز انفراده بها: وإن عهد بالخلافة إلى من يصح العهد إليه على الشروط المعتبرة فيه كان العهد موقوفا على قبول المُوَلَّى، واختلف في زمان قبوله فقيل هو بعد موت المولي في الوقت الذي يصح نظر المولَّى، وقيل وهو الأصح: أنه ما بين عهد المولِّي وموته وليس للإمام المولِّي عزل من عهد إليه ما لم يتغير حاله وإن جاز له عزل من استنابهُ من سائر خلفائه لأنه مستخلف لهم في حق نفسه، ومن عهد إليه مستخلف في حق المسلمين، فلم يكن له عزله كما لم يكن لأهل الاختيار عزل من بايعوه إذا لم يتغير حاله عما كان عليه، وتعتبر شروط الإمامة في المولَّى وقت العهد